وذلك ما نخشاه

ياسين طه حافظ
المشهد المقروء والفضائي المرئي يظهران تحوّلات نوعية في مجالات الفعل والابداع المعاصرة.. فما عادت موضوعات الفكر والثقافة ولا الموضوعات الابداعية بثباتها الاول او بحدودها المألوفة.


وطبيعي جداً ألاّ تكون شاملة حاسمة ولا ان تكون هذه التحولات امراً عاماً. فنحنن صحبةَ كل المستجدات لا نعدم تقليديا ومكروراً من الموروث. سبب ذلك هو ضخامة هذا الارث، اولاً، ثانياً اننا ايضاً لم نتجدد تماما. فما زال في القديم ما يريح وينفع. لكن حركة التجديد في الحياة ومفرداتها تُجهدُ هذا القديم فيتعب عن المواصلة. فهو اذا لم يتوقف لا يعود خطراً.
وما نشهده من تحولات في اساليب الكتابة واختراقات سائغة او خشنة وما نسمع ونقرأ من مضامين تجدد القراءة والرؤية، كلها تكشف عن نشاط ثقافي يحكمه هاجس التحديث والتجديد، وفي الاقل النزوع للتخلص من ثقل القديم الذي لم يعد مجدياً في الطريق الى المستقبل.
ان معرفتنا ان الحداثة تبدو معادلة ابداعية بين ثابت القيم ومتغيراتها، وان هناك مسعى دائبا لفرز الجوهري من الموروث، هو في جوهره بحث عما يغني "العابر" ويمنحه بعدا جديدا ومعنى. فنحن اذن في حال احلال دائم للجديد في مكان المنقرضات. ومقابل هذه المزُاحات تأتي مستجدات الحداثة. فنحن واقعاً في حقل تطويري يواكب تطور الحياة وتنوع فضاءاتها ومضامينها وإذا لم يكن تبنينا للحداثة لفظياً او مظهريا، نكون قد ارتضينا مهمة اقامة علاقات دائمة التفاعل بين الظرف الانساني وموروثاته لابتداع مختلف ولتهيئة النفس والظروف لاستقباله. المسألة إذن ليست ان ارغب بالجديد ولكن ان اُنجِز فعلاً يُحِل الجديد محل البنى الآيلة او القديمة: فاذا لم تتيسر لهذا الجديد فضائل ومزايا يتطلبها العصر، يكون عملنا عبثياً غير مجد او قد يقارب التخريب.
نقول هذا لكي لايبدو ما يأتي من حديثنا في غير ما اردناه وسعينا لكشفه في واقعنا الثقافي المحلي اليوم. فانا اصغي لحماسات الشباب وطروحاتهم واشعر بفرح لهذا النزوع وهذه الحماسة. واصغى للاقتصاديين في تحليلهم للظواهر وأُتابع قضايا الفكر المعاصر مما يكتب ويُنْقَل الينا مشفوعا بلهفة المتسارعين اليه. الجميع يريدون جديدا بقوة وروح عَجِلة طمَوح. نعم قد يعوزها التماسك العلمي ومعرفة العلة والمعلول. ولكن هكذا هي طبيعة الاشياء والمهم ان نبدأ مع هذا العرض الذي يبدو في مجمله مفرحا، يصدني واقع اجتماعي "محلي" قد تؤدي مفرداته وتفاصيله المحلية الى انحراف القصد، قد يضيّع علينا الجهد او يؤخرنا في متاهة من الالتواءات.
لذلك نرى ان الواقع الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع الذي يشهد مثل هذا الحراك هو بيئة فيها نواقص تخلو منها مجتمعات الحداثة التي نريد التشبه بها ومماثلتها. من هذه واقع المثقف الاقتصادي و علاقته المعيبة غالبا. مع السلطة المثقف العراقي، والعربي عموما، معوز اقتصاديا وان كأسه وخبزه وقميصه ورباط حذائه من جيب السلطة فهو يعتاش مما تقتضيه مصلحة المستفيد. الجو اذن ليس صحواً ان لم نقل ليس نظيفا. فهو عمليا يكتب ليُرضي او ليكسب من متسلط. وهو بالتالي يرجح هذا الرأي ويستنكر ذاك ليرضي من يُقيتُه او من سيُحسِّن قُوْتهَ. اذن هو فاقد للحرية. افتقاد الحرية يحدّد نوع القرار ولان اولاء الذين ينشد رضاهم متنوعون مختلفو المصالح وايضا متغيرون على وفق المستجد من المصالح، او مستجدات ومتغيرات السياسة الدولية، فهذا الحال الثقافي معرض لحظر التشويه او الضياع بمعنى آخر لتغيير اتجاه الجهد كنتيجة اجمالية قد لا تُرى بداياتها.
وبسبب من وطأة التاريخ، اعني الماضي، نجد ان المثقف يفقد كل قوة التحدي والرفض امام المتسلط متموّلا كان او رجل دولة او مدير اعمال... ان كل العبودية والتبعية المُلغاة تعاود حضورها في تلك اللحظة وان حالة الضعف هذه تضع الثقافة والفكر في خدمة "المصلحة" وفي خدمة المؤسسات المنتفعة.
هذا هو سبب الخشية من، والحذر من تحويل الثقافة الجديدة ووظيفتها عما نعمل من اجله، فنكون بهذا الانحراف امام فاعلية منتجة للقوى الاستهلاكية او لاهداف هيمنة مُضْمَرَة وراء صيغ حديثة. ان القوى الانتاجية المهيمنة والمستفيدين منها لاتكف عن محاولة وضع الثقافة التي اردناها تحريرية تحديثية امام القوى المسُتْغِلّة والنسَقية التي استعبدتنا اجسادا وعقولا. وبهذا يكون قد خاب المسعى وفقد جهد التغيير جوهرهَ

 

مشكور كوتش هيثم سعدون

 

مشكور المرور والمتابعة الجميلة منك كوتش محمد عبد لله

 

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

 

مشكور المرور والمتابعة الجميلة منك كوتش محمد عبد الوهاب

 

شكرا

 

مشكور مرورك الجميل اختنا اليمان