1. تنويه:
    تم إيقاف التسجيل في المنتدى مؤقتا، للتواصل أو طلب الانضمام للمنتدى، نرجو التواصل معنا.
    الأعضاء السابقون ما يزال بإمكانهم تسجيل الدخول.

في طريقي إلى سيارة مفخخة

هذا النقاش في 'المنتدى العام' بدأه Haitham sadoon، ‏10 أكتوبر 2009.

  1. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    نصيف فلك
    مثل كل صباح خرجت للعمل، لا اعرف طبعا ان سيارة مفخخة تنتظرني، وكيف اعرف "اشم يدي"؟ أم اشم رائحة القدر؟ والعجيب ان هذا اليوم الدموي لم تحدث فيه أية مشكلة او عارض يؤخرني عن الذهاب للعمل حيث ينتظرني أصحاب العقول الملثمة بسيارتهم المفخخة، عجيب،


    ففي كل الايام التي سبقت هذا اليوم كانت زوجتي تناكدني ونتشاجر على اتفه الاشياء: الصابونة وسخة وفيها شعر، القميص الازرق ذو المربعات غير مغسول، (سلام) اصغر اطفالي فطمناه قبل يومين ولم تسلق له بيضة، وعلى هذا النطح والنقر تمشي الايام إلا في هذا اليوم، فكل شيء معد ومرتب ويمشي بدقة الساعة السويسرية: لا اطفالي ركضوا خلفي يتجاذبون ملابسي لاعطيهم "250" ديناراً، ولا أمي التي تعاني احتضاراً مزمنا من الروماتيزم ففي كل يوم تموت ونهيئ مراسيم الدفن "الجادر" لكنها تفز وتستعيد الحياة نفسا يجر نفسا ثم نتحايل عليها لتتناول الطعام، الا في هذا اليوم الفاجع فلم تعصف بها نوبة احتضار ولا هاجت عليها حمى روماتيز الدم. استيقظت في اوج عافيتها وطلبت الافطار الصباحي، المسكينة لا تدري ان ابنها لن تراه بعد اليوم ابداً، لأنه سيتمزق ارباً أربا في سيارة مفخخة بعد ثلاث ساعات ونصف الساعة. أمي المسكينة ستموت ورائي فوراً وبلا احتضار هذه المرة. ومما يزيد حرقتي واكز اسناني قهراً وحنقاً على حظي النكد هو انني قتلت عقرباً ليلة أمس - لو لدغتني أو لدغت أي واحد من اطفالي لفات موعد السيارة المفخخة عليّ - لم اتبين لون المعجزة ولو المصادفة التي دلتني على العقرب: بينما كان اطفالي نائمين وانا اتمدد الى جنبهم، شيء ما جعلني اجلس وانظر الى الحائط واذا بها سوداء بحجم ضمير القتلة، تمشي ببطء سام، والمصيبة لم أعثر على نعل، اختفت كل نعالات البيت فركضت خارج الغرف ورأيت نعلي المتين من كثر الترقيع، وبضربة واحدة لطشتها على الحائط وسقطت على الارض وبقي سمها يخز العيون ملتصقا بالحائط ولكن أين اعثر على نعل اسطوري يسحق العقرب المفخخة ويقتل سمها فيها.
    اذن خرجت من البيت ولم يحدث أي طارئ يعيقني. "أخ" لو لدغتني تلك العقرب لكان أهون من لدغ السيارة المفخخة. طبعا أنا حذر وليس "بغشيم" من رياح القتل التي هبت علينا من كل مواخير جهاد الآيدز وبتوجيه من سدنة الفتاوى الذي يغوون الشاذين روحيا الى جنة لا توجد الا في عقل الديوث. وهذا الحذر المشؤوم هو نقيض غريزة الحياة، فمن المستحيل أن أفكر بالموت طوال اليوم وأنا أرفع فوق هامتي راية الحياة، لذلك كنت ساهيا مطمئنا حين غادرت البيت ناسيا الجملة التي يكررها صديقي خالد جمعة (سكان الارض جميعا يموتون بالصدفة بينما نحن بالصدفة نعيش). المسافة تقصر وزمني متردد هل يتقدم ام يتراجع، بيني وبين الموت خطوات، وانا ساهم مستعجل الى مصيري المتناثر أشلاء على شكل أسئلة: هل تعرفونني يا أصحاب السيارة المفخخة لكي تخططوا عن سابق إصرار وتصميم على قتلي، لكنني لا اعرفكم ولم أرَ وجوهكم، فاذا كنتم لا تعرفونني لماذا تقتلونني وكم ستربحون من تصاعد بورصة الدم بهذا القتل؟ هل ترون أطفالي اليتامى بعد قتلي في تقاطع الطرق يتوسلون بأصحاب السيارات المارة ويتشبثون بأذيال ضمائرهم لشراء الموز وهم لا يجرؤون على أكل موزة واحدة لأن زوجتي الارملة سوف تسلخ جلودهم فالواقع رجيم لا يرحم؟ انتم لا تعرفونني اذن، ولا تنكرون ان (من قتل نفسا بريئة كأنما قتل الناس جميعا). وها انا لا اعرفكم ولا تعرفونني فلماذا تقتلونني لماذا؟ انتم تقتلون روح الله في قتلي.
    بقيت خطوة واحدة من لحظة الانفجار ولكنني لا اعلم، لو كنت أعرف لودعت احبابي وحياتي ووو. هذه السيارة المفخخة اللعينة لم تمهلني حتى للتشهد وذكر الله. ولم استطع اللحاق لكي أدرك وأفطن: انني مت فعلاً، ولم استطع ان استرد نفسي… ان امسك رأسي أقول: وداعاً بابا (سلام) واعذرني بشأن الموزة، وداعا بابا (موسى) لا تسبني ولا تلعنني لاني تركتك بلا رحمة تحت الشمس الحاقدة "مرضعة الطغاة"، تركتك تبيع الموز، تبيع عمرك الغض بابخس ثمن، وداعا بابا (هدى) سرقتني من عينيكِ هذه السيارة المفخخة. لا تسكتي لحظة واحدة أبكي و أبكي أبكي بوجه الله بوجوه البشر وأسكبي نيازك دموعكِ فوق رؤوس القتلة. وطالبي بحق دمي الصاخب البريء: دمعة يتيم واحدة هي أطهر من كل ما يدعون اليه القتلة. وداعا بابا (ملاك) انت الكبيرة فاحرسي اخوتكِ وربيهم على الحب لأن عمر الحقد والبغض أقصر من فرحة القتلة. وداعا زوجتي حبيبتي لا تخوني دمي، انثري شعرك مع كل الارامل تحت السماء واجهشي بالثأر والانتقام من القتلة. وداعا يا وطني ولا تيأس، تشبث بالنخيل لأن النافورات الخضر وحدها باقية، تشبثِ بدجلة والفرات فلا امواج دونها تغسل جراحكِ. آخ يا وطني.. وانا بهذي الحال موزع الاشلاء وتوجعني جراحكِ فلا تيأس. وداعا أمي بغداد، حبكِ يلمني شلوا بعد شلو وازحف اليكِ بكامل عافية الوداع، اقبل قدميكِ ان لا تدوسي رصاصا منافقا. وداعا باب المعظم وداعا شارع المتنبي، على جانبيك مكتوبا في قبري السماوي:
    يا قارئ غيابي
    بالامس كنت طينا
    ابكي على سرابي
    واليوم تحت السحابِ
    ها أنا في قلب لحظة الانفجار. تطايرت نجوما يخر منها الدم، وغاص عبوس الفضاء، رأيت نفسي في مكان الحادث ولم اصدق الرؤيا: لقد اندلعت شبحا أركض وراء القتلة من شارع لشارع ومن زقاق لآخر، اركض شبحا محترقاً يتفايض مني اللهب. رأيت نفسي جهنم تركض،تركض وتلتهم القتلة، لايفلت من سعيري أي رأس مجرم، فالسلام عليّ يوم أحببت ويوم انفجرت ويوم أبعثُ قمراً بهيا.
     
  2. لاحولا ولاقوة إلى بلله

    شكرا كوتش هيثم سعدون
     
  3. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    مشكور مرورك الجميل كوتش محمد عبد الله
     
  4. mohamedali

    mohamedali مشرف عام

    مشكوووووووووووووووووور
     
  5. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    مشكور مرورك الجميل كوتش محمد عبد الوهاب
     

شارك هذه الصفحة