العلم والنموذج النظري

شهاب احمد الفضلي
يسترشد العلم الناضج بنموذج علمي وحيد، يحدد معيار النشاط المشروع داخل الميدان العلمي، الذي يحكمه، كونه يقوم بتنسيق وتوجيه اعمال المشتغلين بالعلم السوي الذي يعمل على حل الاشكالات داخل المجال العلمي الخاص به.


وحسب مايراه توماس كون، فان وجود نموذج علمي قادر على دعم او تأصيل علم سوي ما، هو الخاصية المميزة للعلم من اللاعلم، اذ ان ميكانيكا النيوتونية والبصريات التموجية...الخ شكلت نماذج علمية، فهي تشكل جزءاً من العلم.
ان طبيعة نموذج ما، اساساً لابد ان تكون قادرة على مقاومة اية محاولة لاخضاعه لتعريف محدد، ولكن بالامكان وصف بعض المكونات النوعية التي تساهم في تركيب نموذج ما. ذلك اننا نجد من بين هذه المكونات والقوانين والفرضيات النظرية الصريحة المشابهة لمكونات النواة الاصلية لبرنامج من برامج لبحث. فمثلاً، قوانين الحركة عند نيوتن تشكل جزءاً من النموذج النيوتني، وتشكل معادلات ماكسويل جزءاً من النموذج المكون للنظرية الكهرطيسية الكلاسيكية، فضلاً عن اشتمالها على وسائل من نمط موحد. فالنموذج النيوتني يمكن تطبيقه على عدد كبير من الاوضاع المتنوعة، كحركة الكواكب واصطدام كرات البليارد... الخ كما ان ادوات التجريب وتقنياته اللازمة لتطبيق قوانين النموذج على العالم الواقعي تشكل جزءاً من النموذج، اذ عبر معطياتها المستخلصة يتم تصحيح النموذج كما يدخل في تركيب النموذج بعض من المبادئ الميتافيزيقية العامة جداً، التي توجه العمل العلمي داخل النموذج العلمي المعين. فلقد ظل النموذج النيوتني حتى ظهور النسبية محكوماً بفرضية تقول ” ينبغي ان يتم تفسير العالم الفيزيائي بكليته من حيث هو نسق او منظومة ميكانيكية تتحرك بفعل تأثير مختلف القوى التي تستجيب لمستلزمات قوانين الحركة عند نيوتن”. اما البرنامج الديكارتي في القرن السابع عشر، فقد تضمن مبدأ بموجبه يتم التاكيد على انه ” لايوجد خلاء، وان العالم الفيزيائي عبارة عن ساعة كبيرة مركبة من دواليب مسننة، تتخذ جميع القوى، داخلها، شكل دفعة”. الامر الذي عنى ان جميع النماذج تحتوي على تعليمات منهجية عامة، تدعو الى جعل اي نموذج مطابقاً للطبيعة، وفي حال فشل النموذج في المطابقة مع الطبيعة يجب اخذ الامر على محمل الجد البالغ.
مما تقدم فان العلم السوي يسعى جاهداً نحو بلورة صياغات جديدة، بقصد تحسين مدى تطابقه مع الطبيعة. واي نموذج يبقى على الدوام غير دقيق، وقابل للتوسع بدرجة تكفي لترك الباب موارياً امام العديد من الاعمال اللاحقة وفي كتابه ”بنية الثورات العلمية” وصف توماس كون العلم السوي بانه نشاط يقوم على حل الاشكالات وفقاً لقواعد يمليها نموذج علمي معين. وهذه الاشكالات قد تكون ذات طبيعة نظرية وتجريبية على حد سواء. لذا فان رجال العلم السوي لابد لهم من الافتراض بان نموذجاً من النماذج العلمية يمدهم بوسيلة لحل تلك الاشكالات التي تطرح داخله. اما في حال فشلوا في الحل فان ذلك يعتبر فشلاً للمشتغل في العلم اكثر منه ضعفاً في النموذج، وهي حالات نادرة، بعد ان بات معلوماً لدى الجميع من مشتغلي العلم ان جميع النماذج العلمية تحتوي على بعض الحالات الشاذة كما هو الحال في نظرية كوبرنيك فيما يتعلق بالحجم الظاهري للزهرة، ونظرية نيوتن مع مدار عطارد، وعدم اعتبارها تكذيبات للنموذج.
ليس بمقدور المشتغل بالعلم السوي اتخاذ موقف نقدي تجاه نموذج اشتغاله، بل عليه تركيز جهوده في صياغة تفاصيل النموذج وانجاز العمل المتخصص في اعلى صوره لوضع الطبيعة على محل الاختبار بصورة عميقة. فما يميز العلم السوي عن النشاط غير المنظم لما قبل العلم غير الناضج، ان الاخير كان يعمل بطريقة عدم الاتفاق حول الاسس الى درجة يستحيل معها وصفه بالعمل المتخصص والمفصل.

 

شكرررررررا

 

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

 

بارك الله فيك كوتش هيثم سعدون

 

مشكور مرورك الجميل اختنا اليمان

 

مشكور مرورك الجميل كوتش محمد عبد الوهاب

 

مشكور مرورك الجميل كوتش محمد عبد الله