1. تنويه:
    تم إيقاف التسجيل في المنتدى مؤقتا، للتواصل أو طلب الانضمام للمنتدى، نرجو التواصل معنا.
    الأعضاء السابقون ما يزال بإمكانهم تسجيل الدخول.

معرفة

هذا النقاش في 'المنتدى العام' بدأه Haitham sadoon، ‏13 أكتوبر 2009.

  1. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    كريم عبد


    تاريخ النص الأدبي تاريخ!!

    إذا استثنينا العصر الحديث، حيث يمكن فيه نقل مظاهر الحضارة أو وسائل المدنية نقلاً، فإننا لا نستطيع أن نتصور حضارة أو مدنية في العصور الماضية، دون أن نجد لتطورها تاريخاً ومراحلَ وصلت عبرها الى ما هي عليه.


    وسنجد بان هذه الحقيقة تنطبق على الأدب قديمه وحديثه. فليس بوسع النص الأدبي الحقيقي ( أي نقيض المزيف وليس نقيض الخيالي ) أن ينشأ من لا شيء، أي دون تاريخ ومراحل لتطوره. وماعدا التلاقح والتواصل المعروف بين الثقافات، ليس بالإمكان نقل أشكال وخلفيات النص الأدبي من ثقافة إلى أخرى نقلاً آلياً. وعندما نجد مدينة مشيَّدة على الطريقة الأوروبية الحديثة ومزوّدة بوسائل المدنية في بادية كان أهلها لوقت قريب يعيشون في خيام أو بيوت متواضعة، فهذه واحدة من ميزات الحضارة الإنسانية الحديثة، وهو ما تتطلبه ضرورات الحياة المعاصرة، لكنه لا يلغي الفرق في أسلوب الحياة بين أهل هذه المدينة المستحدثة وبين سكان البلد المنقولة عنه تلك المقومات الحضارية، وبطبيعة الحال فإن سبب الفرق لا يعود لاختلاف في طبيعة البشر بذاتـهم وإنـما في تباين الأنساق الحضارية التي يعيشون في ظلها، والحيثيات التاريخية التي أنتجتها.
    إن البعض عندنا يريد تحديث النص الشعري على طريقة تحديث البوادي !! في حين إن طبيعة الحياة العربية ما تزال، حتى في المدن العامرة، مشوبة بطبائع الريف والبداوة. فكيف نستطيع استعارة أساليب كتابة من مجتمعات غربية تطورت الحياة المدنية فيها لدرجة تعممت معها حضارة المدينة وطرق الحياة فيها، على الأرياف ونسق علاقاتـها الاجتماعية والثقافية ؟! واستطراداً، فإن الفرق النوعي بين المدينة الأوربية والمدينة العربية المعاصرة، يكمن في كون الأولى عممت ثقافتها على الأرياف، فلم تعد هناك فروق نوعية بين المدينة والريف، بينما المدينة العربية تكاد تكون مكاناً لتداخل ثقافة الريف وقيم البادية، دون أن ننسى مشاريع الحداثة المتعثرة حقوقياً وتقنياً. أن هذا الفرق الحضاري النوعي ينعكس بالضرورة على أساليب التعبير، لكن هذا الفرق تحديداً، لم يأخذه النقد عندنا بنظر الإعتبار عند الكلام عن الشعر العربي الحديث والذي أُثقل بصفات ومدائح هي غالباً في غير صالحه، ليست لأنها كثيراً ما تكون دون صدقية فقط بل هي أيضاً تساهم في تكريس الأوهام وضياع المفاهيم الجادة أساس كل تطور حقيقي. وهنا تكمن مهمة الناقد وأهميته، أي في عملية تمييز الظواهر وإدراك عوامل نشوئها، وتتبع تاريخ تطورها، لكن المشكلة القائمة عندنا هي كون النقد الأدبي انخرط منذ البداية - آخذين بنظر الاعتبار بعض الاستثناءات - في أوهام الشعراء وإدعاءاتـهم، بل وفي أحيان كثيرة كان مساهماً في ابتكار الأوهام وترويجها !! لقد بدأت هذه النزعة مع الرواد واتسعت مع الستينيين لتصيب شظاياها الأجيال اللاحقة التي انتفخت أوهامهم أكثر مما يجب، منعكسةً على سلوكهم الثقافي وتصريحاتهم الدونكيشوتية. وإذا عدنا للرواد نجد إن هناك من يريد إضافة رصيد الكلاسيكيات العربية ذات القيمة المعروفة لحسابه الشخصي، وذلك عبر تغطية تلك الصفات والمدائح ( تغطية تاريخية ) أي في خلط الحديث حول الأدب العربي القديم بالمعاصر، دون أن ينتبه بان هذا الأخير لم يُنتج بعد ظواهر أدبية مهمة كالتي كانت في مراحل تطور أدبنا الكلاسيكي، والذي هو بدوره لم يكن بوسعه أن يترسخ ويبقى إلا بعد أن استغرقت مراحل تطوره قروناً متواصلة، وهذا ما لم يحدث بعد في تجربة الشعر العربي الحديث. بمعنى إذا كان (النفري) شاعراً عظيماً، فهذا لا يعني بالضرورة أن يكون (وريثه) المعاصر شاعراً عظيماً أيضاً، لأن هذه تبقى مسألة احتمالية تعتمد على قيمة النص الحديث نفسه. ومن جهة أخرى، لا يتم الانتباه الى فترة الانقطاع الطويلة التي امتدت قروناً بين الأدبـين، حيث الأدب العربي الحديث بدأ يتأسس من جديد منذ مطالع القرن العشرين، أي يؤسس له تاريخاً جديداً في عالم معاصر ينطوي على مراكز ثقافية مختلفة تماماً من ناحية النوع ودرجة التأثير عن معادلات أدبنا الكلاسيكي ومفاهيمه، الأمر الذي يجعل حديث البعض عن قطيعة مع التراث باسم الحداثة لا معنى له أساساً، لأن القطيعة موجودة في الواقع ولا تحتاج لمن يدعو لـها أو ينفيها. لكن هذه الدعوة مارسها البعض - خصوصاً أدونيس - لتبرير أو تمرير إدعاءت خاصة، لا علاقة لها بالحاجات الموضوعية للأدب العربي الحديث !!
    وفي تفاصيل أخرى نلاحظ، بان الفرق بين الناقد الغربي والناقد العربي يكمن في كون الأول يمتلك إرثاً معرفياً متواصلاً منذ عصر النهضة الأوربية، وهذا الإرث هو الذي أنتجه كناقد، بمعنى أن المثقف كظاهرة هو نتاج النسق الحضاري الذي يعيش فيه، حيث تكمن أهمية الناقد في نوعية الدور الذي يلعبه داخل هذا النسق. وحيث نعيش في عصر انفتاح الحضارات على بعضها، فحتى لو كان النسق متخلفاً، لكنَّ دور مثقفين معينين فيه، يمكن أن يكون نوعياً ومهماً جداً إذا إضطلعوا بمهمة تفكيك المفاهيم والقيم المتخلفة وليس تمويه الحقائق وخلط الأوراق. وبحكم طبيعة تجربته استطاع الناقد الغربي إنتاج مفاهيم ومصطلحات ونظريات من خلال قراءاته للنصوص الكثيرة، الناضجة والمؤثرة المتوفرة بكثرة في الأدب الغربي المعاصر. وكل هذا وفر للغة الكتابة في البلدان الأوربية تاريخاً حيوياً متواصلاً، هو تأريخ الاشتغال والإنتاج الفكري والأدبي عبر خبرة وتجربة واسعتين، وهنا يجد الكاتب والناقد ذخيرته ومسؤوليته إزاء هذا التاريخ، حيث لا مجال للأوهام والاستسهال كما يحدث عندنا كثيراً. وبالمقارنة، ولكي يصبح إدراكنا للحقائق والمفاهيم مستنداً الى معطيات ملموسة، ولأن معادلات وشروط إنتاج أدب مهم هي ذاتـها في جميع اللغات، فلا نجد من التجني أو الانتقاص القول بان كل هذا التاريخ والخبرة لم يتوفرا بعدُ للغة الكتابة العربية الحديثة. فالكاتب العربي، ناقداً أم أديباً، الذي انقطع عن تراثه لقرون طويلة من الركود والتخلف، عاد ليؤسس من جديد تأريخاً حديثاً للغته، واستطاع بجهده وبفضل ما تقدمه الآداب الغربية من خبرات، أن يملك قدرة معينة في التنظير والحديث عن الأدب بمصطلحات ومفاهيم جديدة يعرف هو أكثر من سواه بأنـها ليست من نتاج لغته، وهو يمتلكها، وهذا حقه المشروع، بحكم المشاركة الحرة في ظواهر الحضارة الإنسانية عموماً. لكن الناقد العربي الحديث بما توفر عليه من كفاءة، ومن قدرة معينة على إنتاج الأفكار، لم يستطع في الغالب أدرك الفارق بينه وبين زميله الغربي، أو بين الأدبين اللذين ينتميان إليهما، أو هو يدركه لكنه لم ينتبه للمفارقة الكبيرة بين هذين الأدبين !! وعلى سبيل المثال، عندما نقرأ قصيدة مترجمة لبول فاليري أو سان جون بيرس أو ت. أس. إليوت ونجد عوالم وتصورات جديدة وغير مألوفة بالنسبة لنا، فإن بعضنا يعتقد ان بوسعه أن يفعل الشيء نفسه، فيروح يقلد هذه النصوص - حيث الترجمة سهلة التقليد - بشكل مباشر أو غير مباشر، أي بانتحال التصورات وزاوية النظر وحتى اللغة أحياناً، فيقدم لنا نصاً قد يدهشنا لبعض الوقت، مؤسساً لصاحبه شهرة معينة، لكنه سرعان ما يُنسى كما يحدث عادةً، فيظل كاتبه معلقاً بحبال شهرته دون وجود نص حقيقي يسند أقدامه إليه!! ولكي يبرر نفسه فهو يلجأ أحياناً الى تنظيرات لا تقل خفّـة أو تناقضاً عن نصوصه، دون أن يدرك، بان أولئك الذين قلدهم تنتمي نصوصهم لتأريخ طويل في الكتابة الإبداعية، لغةً وتصورات.
    وهي وصلت لهذا المستوى حيث كان يجب أن تصل بحكم الضرورة، وليس أدل على أهمية السياق التاريخي لإنتاج النص من إن نصوص فاليري وبيرس وأليوت ماكان لها أن تولد، وفي نفس لغاتـهم، في القرن الثامن عشر مثلاً. لماذا ؟ لأن لحظتها التاريخية داخل الأدب الأوربي ذاته لم تكن قد نضجت بعد. وهنا يكمن معنى النسق الحضاري وأهميته.
    ودليل آخر على كون الكثير من النصوص العربية الحديثة لا تنتمي لتأريخ خاص بـها، هو إننا حين نقرأ كفافي أو لوركا أو بابلو نيرودا .. الخ، نجد في أشعارهم تفاصيل حياتهم ومسميات تجاربـهم الشخصية وأشياء بيئتهم وانعكاس مشاعرهم وأفكارهم حول تلك التجارب. وهنا يكمن سر التمايز بين شاعر وآخر.
    أي في نباهة اكتشاف خصوصية الذات، حيث يتأسس ما يمكن أن نسميه بالتأريخ الشخصي للنص، فما يجعل كل إنسان يختلف عن الآخرين هو تفرد سجيته وطريقة استقباله للأحدث ذاتها التي يستقبلها الآخرون بطرق أخرى مختلفة. لكننا نقرأ لأكثرية الشعراء العرب وخصوصاً الأجيال المتأخرة، دون أن نعرف من خلال نصوصهم لأي بلد ينتمون، وهل هم من الريف أم من المدينة، إذ تتشابه لغة نصوصهم وتصوراتهم رغم اختلاف بلدانهم !! فأين انعكاس التجربة الشخصية على النص إذن ؟! إنـها غائبة والسبب هو إن هذه النصوص قد تأسست على وعي نقدي وجمالي خاطئ، يلهث وراء الأمجاد السريعة التي تغري كل من هب ودب، بعيداً عن البحث الأدبي الجاد والجرح الإنساني الذي يقف وراءه.
    أي أنها نصوص دون تاريخ تستند إليه
     
  2. اليمان

    اليمان عضو جديد

  3. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    مشكور مرورك الجميل اختنا اليمان
     
  4. mohamedali

    mohamedali مشرف عام

    مشكووووووووووور
     
  5. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    مشكور مرورك الجميل استاذ محمد عبد الوهاب
     

شارك هذه الصفحة