عند الغروب

اقتربت الساعة اكثر من أي وقت مضى .. ساعات المغيب تقترب اكثر فاكثر .. و بعدها تتلون السماء باللون الاحمر لتنبأ الشمس بقرب ساعات المغيب عن الأنظار .. ترقبت .. و توجهت لها .. لكي اناجيها .. و استفسر عن سبب مغيبها ..

شمس طالما عشقتها و هي مشرقة شامخة بين الصروح .. لن يعتليها لا قمر و لا نجوم .. ضعت بهيامها .. و عشقها .. فعجبت ذلك اليوم من مغيبها .. اثارت و هيجت قلبي بالحنين و كأني لم اراها منذ سنين .. لكن عشقي لها كان اكبر بكثير .. فلم امنع بذلك عيني من النحيب ..امام ذلك المشهد الحزين .. تقدمت نحوها بكل كبرياء .. و حزن .. و ...

إذ بها تخاطبني فجاة .. و تقول : لما هذا النحيب ؟ .. و إذا بي قد صحوت من حزني و ألمي دون سابق إنذار .. و كأني بــنبرة صوتها قد افاقتني و ارجعتني لعالمي بعد تجولي في عالم الحزن و الكآبة .. و إذا بي رافع رأسي من نكستي .. محدقاً بنظرات اعجاب و استغراب .. فكيف بي و انا عند حضن الشمس تخاطبني و تكلمني .. عدت لوعيي و ادراكي .. و بدأت بإخراج ما احتفظ به قلبي من هموم و احزان .. بنبرة شكوى قد امتزجت بالحب قد عبرت لها عن حبي لها : كيف بك تسـأليني عن ذلك .. و انت تعرفي قدر محبتي ؟ كيف تسالني و انت سبباً لكل حزني و قد غبت عني لحظة تهت في الظلام لولا نورك المخبو في الآفاق ؟ هي لحظة لم أعاني مثلها و ما لاقيتها .. على مر الأزمان .. حبيبية قد تعلفت بها منذ الصباح .. تقرر الأن ان تفارقني عند الغروب .. لحظات مرت علي من غلاتها ..لا استطيع العيش من دونها .. >> كلما زادت كلامتي ازدادت بذلك دمعي و اشجاني .. مع ذلك فالشمس لم تتوقف عن الغروب .. لكنها ابتسمت و قالت لي ...

مهما طال المغيب فلكل وقت حيين .. أنت لا تعلم مدى جراحي و حزني و لو تحصيها .. لأوصلتك للقبر .. حاولت .. و حاولت ..صمدت و صمدت إلى ان ملت ناحية الغرب .. حاولت البقاء في الشرق ببزوغ .. لكن جهودي ولت بمجرد الوقت .. حزنت .. و حزنت .. لكن ابتسامتي طالما كانت باقية .. لأنني طالما آمنت بآن ساعتي آنت فلها تجديد و لها لقاء فلا .. تستعجل اللقاء .. فمثلما شرقت بالأمس سأشرق فس الصباح !

جاوبت بسرعة بردة فعل خارقة .. مجيباً على كلامها .. و قد ارتفعت حدة صوتي اكثر من اي وقت مضى .. قلت : عندما تغربين لا تحسين بالمعناة التي طالما عانيتها .. لا تحسين بالقهر الذي طالما واجهته .. اضييع وصت الظلام و الليل الحالك .. فكيق بك .. و انت من دلني دائماً إلى الصواب ؟ .. القمر و النجوم قد غزوا مكانك بعد غروبك ..اعداء .. كانوا يترقبون فرصة للبزوغ من بوابة سقوطك .. هم لا يتألقون ألا بعد نزولك .. لذلك يا عشقي أنت تلاحظين ..وقت حضورهم في الليل فقط .. لا يستطيعون مجاراتك في النهار .. فهم اصبحوا مثل الذئاب التي تخاف النهار.. المنجمين الحاقدين قد اثاروا حقدي .. و كرهي فتنبآتهم قد آنت قبل اوانها .. حتى و لو كــانت بذلك كاذبة .. فأنها تقهرني و تغيضني .. و تستعجل احتكار نجومها لسماء !! .. لا تعرف أن الاحتكار قد انحصر لشمس مع السماء منذ مر الادهار ...

قالت الشمس بكل ثقة و تأكييد .. : قرب ظهور الشمس ليس بالبعيد .. و عودتي لعرشي ليس بالمستحيل .. لأني سيدة السماء في الاخير .. دموعك يا عزيزي قد ثقلت كربي .. لكنها لن تقطع عزيمتي بل زادته .. لكي نضرب موعد معك عند علامات الفجر .. فتيقن عندها ..أن الشمس في الدرب ...

هي أزمان و ليست ساعات .. منذ الرحيل الاخير .. لشمس في المغرب و انا اترقب .. عودتها في الظلام .. لنشر االنور المفقود في الكون .. تهت في ذلك العالم .. إلا أن وصلت حالتي إلى الاستدراك .. فلولا .. ان قلبي كان نابض و متأكد من العودة ..لــفقدت مصطلح سمي بالأمل ... و عند ساعات حسرتي تفآجأت بقدوم .. اشارات الفجر .. و على انغام العصافير التي انشدت بمناسبة عودة الشمس .. قد تأكدت عندها من شيء .. ان الحياة لا تدوم بلا الشمس .. فلو اضاءت النجوم و القمر الليل .. فما بالهم بالشمس وحدها في النهار .. فضوئها .. قد انتشر في كل البقاع .. و عادت لاحياء الزرع و النبات .. و جددت عشق المحب الولهان الذي سهر ليرها في الصباح ...

 

شكرررررررررا:clap::clap::clap:

 

مشكور مرورك الجميل اختنا اليمان

 

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

 

مشكور مرورك الجميل استاذ محمد عبد الوهاب