1. تنويه:
    تم إيقاف التسجيل في المنتدى مؤقتا، للتواصل أو طلب الانضمام للمنتدى، نرجو التواصل معنا.
    الأعضاء السابقون ما يزال بإمكانهم تسجيل الدخول.

لحاء شجرة السوء

هذا النقاش في 'المنتدى العام' بدأه Haitham sadoon، ‏17 أكتوبر 2009.

  1. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    ماجد موجد
    لا الحضارة بعميق مدلولاتها ومدياتها المتواترة في الكتب والآفاق، ولا الكتب ـ كل الكتب ـ ولا العِبَر التي سُنت منها حياتنا ولا تجليات الذات الخالصة في وحدتها، ولا الشعر، الشعر الخالص نقيع حرقة الفلسفة وبهاء الفكر وسطوة العاطفة ولا حاضن أخلاقي علق الوجدان به بين ممرات الدين وسراديبه أو سطعت في لهفته الباحثة صرخةُ ضمير وهو يهدهد العفو والغفران.


    كل ذلك لم يفعل الفعل العاصم لنا من أن نجد عائقا أمام كلمة دنيئة يمكن ان نقولها ولا رادعا لحراك مشين ولا مُحبِطاً لنيّةٍ متوحشة ممكن ان تهدُّ مبنى او تهتك روحاً او تجرف قلباً عن قلب.
    أكثر مايؤثر فينا هو السوء، السوء وبكل معانيه، عادة ما ينزلق الى العمق في اقصى نقطة من تكوين الذات، عقلها وقلبها، يدخل وينبجس هناك، وليس للثقافة بعد ذلك بمعانيها العديدة من اثر فاعل يمكن ان ينافس ذلك العمق المتمسك بقبحه على الرغم من هاجس التعرف واحيانا التعلم الذي يشغلنا عادة، لكنه هاجس لا مراد له سوى صنع منظومةِ معرفةٍ خادعة، تكون مهمتها مداراة ذلك القبح المتعفن القار هناك في عمق الذات، من خلال تمثل نمط سلوك راق، سرعان ما ينشز ضديده، صورة الذات الغاطسة بالسوء حد الاختناق.
    ترعبني نفسي حين أجدني لستَه ذلك الجالس عند مائدة الجمال والمتمنطق بالمعرفة والشعر، لستَه على الاطلاق وكأني للتوِّ خارج من كهف ومصوب رمحي الى صيد غفل في البراري، هكذا افعل مع الآخر ـ صديقي ـ ما ان يقول او يمس شيئاً أعتقده وان كان على غير هدى او على غير قصد المسيء وحتى سوى ذلك فان رمحي قد ينفلت من سوء كثير في طبقات ذاتي الى مقام روحه فاخسف فيه ما يحب لي.
    وكأني في ذلك كما يقول نيتشه "نحن في الطريق بين الانسان والحيوان" وهذا كلام عام، فنحن ـ وهذا ضمير عائد على امثالي ـ لسنا في الطريق كأنما نحن في المنتصف، الامر مختلف، ذلك ان الخطى التي نخطوها باتجاه انسانيتنا تكبحها تراجعاتنا وندمنا اننا تقدمنا كثيرا فغلبنا غيرُنا في حياة لا غالب فيها سوى السوء ولذلك نعود القهقرى بالاتجاه غير الانساني.
    ان اغلب ما نفكر به ونتصرف على وفق فهمنا له هو اننا اقرب الى حيوانيتنا من انسانيتنا، لقد غلب السوء كل مكتسباتنا وثقافتنا وحلمنا ان نكون على غير ما ترسب فينا، حلمنا الذي ليس من فرصة له ان يكون، حلم ثقافةٍ تعلم الناس كيف يتطهرون من السوء القار في ذواتهم ولكنا يا للخرافة نريد ان نعلم الناس ما ليس لنا قدرة على فعله، كلما سمع احدنا كلاما هائما في الهواء الطلق ان شخصا ـ ربما يكون صديقه ـ قال فيه ما لايحب، خرّ صريعا من الحرقة وقام منفجرا مزبدا ملعلعا بلا عقل ولاقلب ولاذاكرة ولا بحث ولا تمحيص، حتى يصير الشخص/ الصديق، عدواً لدودا مقرفاً بشعا، يحار ماذا يفعل فيه وبه.
    هكذا هم ممن على شاكلتي بالكاد يحسنون ستر حقيقتهم لان صبغة الثقافة التي يتمنطقون بها لم تمس سوى لحاء الشجرة الاثرية التي اينعنا منها، شجرة السوء الخالدة منذ مئات السنين. اي مصير هذا؟
     
  2. mohamedali

    mohamedali مشرف عام

    بارك الله فيك
     
  3. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    مشكور استاذ محمد عبد الوهاب على المرور الجميل
     

شارك هذه الصفحة