الدربونة.. تذكرنا بملاعب الصبا وتفوح منها رائحة الزمن الجميل

محمد مجيد الدليمي
الدربونة مفردة بغدادية محببة لدى ابناء بغداد الذين تقترن في حياتهم بذكريات عزيزة حيث تثير في نفوسهم عند سماعها ايام حلوة وحكايات طريفة تذكرهم باصدقاء الطفولة والشباب وملاعب الصبا ومواطن اللهو البريء...


والدربونه من الناحية اللغوية تدخل مع بعض المفردات الشعبية الاخرى مثل (الرازونة، الحبونة) وهي في صيغ التصغير التي يلحق بها المقطع الاخير من المفردة ويمكن ان تكون الدربونة تصغير للدرب وهكذا ولم تكن الدربونة في عرفنا الا المكان الامين الذي نجتمع فيه لنمارس كل هواية ونتطلع الى كل حديث شيق وهي تشهد حركتنا التي تتوزع بين الالعاب الشعبية البغدادية مثل لعبة المصاريع والدعبل والاورطة والجعاب والحارس والحرامية وغيرها... وللدربونة حدود لايمكن ان تتجاوزه كخط عام فهي مغلقة في نهايتها اما بدايتها فهي مفتوحة متصلة بطريق عام او فرع للسابلة يوصلهم الى محالهم او طريقا يختزلون به المسافات البعيدة وعندما يسئل البغداديون عن الدربونة يقولون بانها (دربونة لاتطلع) اي مغلقة وتصل اعداد بيوتها بين عشرين الى اربعين وقد تنقص احيانااو تزيد وتجمع اهالي الدربونة اكثر من رابطة منها رابطة القرابة او الانتساب القبلي او المجاميع الاسرية التي تتوحد في السكن في اكثر من بيت وهم يكونون مجموعة واحدة متقاربة او عدة مجاميع ينتسبون الى عائلة وقد تتفرق بين هذه المجاميع بيوت منفردةاستوطن الدربونة والفت اهلها واستطاعت الحياة بين ابنائها حتى اصبحت واحدة منها وقد تسمى الدربونة باسم بيت عرفت به او اسم قديم لاتعرف اصوله او فخذ من قبيلة او صاحب دكان في بدايتها. ولاتسمى الدربونة بهذا الاسم الا اذا كانت نهايتها مغلقة وقد تتفرع الى فروع وكل فرع منها يعرف باسماء من سكان هذا الفرع وهناك من يسمي الدربونة باسماء خرافية كدربونة الطنطل ودربونة الجني واحيانا تصبح بعض البيوت في الدربونة وخاصة تلك التي توجد فيها نساء كبيرات السن ولهن القدرة على سرد الاحداث والاخبار التاريخية والقصص الشعبية ملتقى لامهاتنا ايام الصيف الحار حيث يجلسن بعد ان يغطي الظلام المحلة ويبدا بصيص المصابيح بانارة الاماكن التي يسجلن فيه وفي هذه الجلسات النسوية تتداول الاحاديث حيث تنبري واحدة من الامهات لتروي اخبار ايام زمان وتحكي عن رجال الدربونة وعائلاتها ممن ادركتها وسمعت عنها كذلك تروي لهن الاحداث التي رويت اخبارها كغرق مدينة بغداد وعن الرجال الذين ذهبوا الى الغرير (السخرة) او دكة رشيد عالي الكيلاني او عالم الفرهود وغيرها من الاحداث التي تركت في النفوس اثاراً عميقة والنسوة الجالسات يستمعن لها وفي ايديهن على الاغلب اداة الغزل (مغزل) لعمل بعض الملابس الشتوية ويسود الجو الاجتماعي للدربونة اواصرالمحبة والتالف والتكافل الاجتماعي التعاون اما الغرباء فلا مكان لهم في هذا الدرب الضيق وان دخل احدهم راقبته العيون ولاتتركه يمر الا بعد ان تعلم مقصده او البيت الذي استضافه او الاقارب الذين ينتسب اليهم وياخذ حديث هذا الشخص جانبا من اهتمامهن. وللدربونة تقاليد اجتماعية معروفة تتمثل في المروءة التي تهز وجدان ابنائها عند كل حدث وتبعث فيهم النخوة في المشاركة في مناسبات الفرح والحزن اما (الطعمة) التي كانت تتبادل بين عائلات الدربونة فهي لون اخر من الوان المساعدة التي تغني المائدة البغدادية وتوثق اواصر الزاد والملح وتعزز وشائج الانتماء وتخفف من اسباب الخلافات والتناحر حتى تصبح البيوت مفتوحة للجميع فالامهات امهات الجميع والاباء اباء الجميع حيث يوقر الكبير لوقاره ويحترم الصغير لصغره ويقدر صاحب الشان ويعظم العالم او الملا او المعلم وهناك ظاهرة النسب الى الام ويبدو ان هذه التسمية (ابن نورية، ابن عمشة) كانت بسبب انصراف الاباء الى العمل وبقاء الام في البيت اي ان الامهات كن قريبات من اولادهن فهناك عدد كبير من بيوت الدربونة عرفت باسماء الامهات مثل بيت مكية، بيت سنية وغيرهما على ما تقدم تبقى الدربونة محفورة في ذاكرتنا ونبقى نحن اليها لانها تذكرنا بملاعب الصبا وتفوح منها رائحة الزمن الجميل...

 

مشكووووووووووووووووور

 

شكرررررررررا
طيب يعني هي بس لأهل بغداد ولة كل العراق؟
وايش هو عالم الفرهود اول مرة اسمع فية

 

مشكور مرورك الجميل استاذ محمد عبد الوهاب

 

لا هيه لكل العراق
اما عالم الفرهود هو عالم عندماا تكون هناك مصائب على ناس تترك اثاثها واموالها فيصبح الناس المعدومي الضمير ينهبون ما تركوا ويسمى لدينا كلمة فرهود هذا معنى الفرهود