1. تنويه:
    تم إيقاف التسجيل في المنتدى مؤقتا، للتواصل أو طلب الانضمام للمنتدى، نرجو التواصل معنا.
    الأعضاء السابقون ما يزال بإمكانهم تسجيل الدخول.

قرطاس

هذا النقاش في 'المنتدى العام' بدأه Haitham sadoon، ‏21 أكتوبر 2009.

  1. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    أحمد عبد الحسين

    الجسدُ .. لماذا؟

    معنى كلّ شيء تحدّده السلطات المتعاقبةُ على استخدامه والسيطرة عليه. فلا وجود لمعنى ناجز يظلّ بكراً بعد وقوعه بين يدي مستثمريه، وما من فكرة أو عقيدة تظلّ على عذريتها حين يتمّ تداولها صرفاً وإشهاراً في سوق العقائد والأفكار. وحدهم المهلوسون يريدون أن تحكم أفكارهم الأرضَ ويظلّ مع ذلك عليها مسّ من سماء، ولها حفيفُ أجنحةِ ملائكة.


    الندوب التي يتركها التأريخُ في العقيدة ستكون مع مرور الوقت اسماً لهذه العقيدة. إنها كاللطخة في ثياب الملاك، اللطخة التي تثبت انه أقل ملائكية من ذي قبلُ. وسيتعب الطهرانيون من كلّ الملل وهم يرومون إثبات صمديّة الحقّ الذي تختزنه ملتهم، سيضطرون أخيراً إلى القتل والعنف وانتهاج كلّ ضروب الوحشية لتأكيد الجوهر الذي لا يريدون الاعتراف بأنه ضاع مذْ هبطوا على هذا الكوكب، كوكبنا المليء بالدنس: الأرض.
    ولأن تأريخ كلّ شيء هو تأريخ مستخدميه فإننا بسؤالنا عن الجسد إنما نسأل عن القوى التي استعبدته وروّضته وجعلته خزانةَ عقائدها طوراً، وآلةً تُصرَف بها العقائدُ إلى مسكوكاتٍ مادية ورمزية طوراً آخر.
    فمنذ أن كانت عقيدة، كان الجسد قربانها، وباستثماره على هذا النحو أو ذاك كان يكتشف له معنى جديداً، فكلما كانت السلطة أعمق وأكثر تعقيداً ـ كما هي اليوم في الغرب ـ أصبح الجسد صندوقاً مغلقاً على المفاجآت وله حصة من هذا العمق والالتباس والتعقيد، يكتسب الجسد حرية مدهشة كلما غامتْ ملامح سيّده وتضببت صورُ مروضيه وكفتْ السلطةُ عن أن تكون بسيطة ساذجة، وهكذا، ليس الفكر وحده ينتعش بتعقيد مستخدميه بل الجسد أيضاً.
    لكننا الذين نحيا في هذا القفر من الأرض لم نعرف السلطةَ إلا بساطةً وسذاجة، ولم تكن السياسةُ لدينا سوى تنويع على الجهل، لأنها ابنةُ العشيرة حيناً والطائفة حيناً آخر، أو كليهما معاً.
    سلطة بدويّة كالتي مورستْ علينا جعلت الجسدَ بدويّاً كذلك، بسيطاً ومفضوحاً، انتهى السرّ فيه ليحلّ محله الكبتُ، جسد لا معنى له إلا إذا كان في قطيع بشريّ لأنه لم يزلْ ـ كما القوى المهيمنة عليه ـ في بعده الحيوانيّ، بالمعنى الذي أشار إليه بلانشو حين قال (الحيوان في الطبيعة كالماء في الماء). الجسد حين يكون في الحشد يجهد أن يغدو كسائر الأجساد، كمسيرة مأتمية لها ذات الملامح والثياب والاكسسوارات، كمظاهرةٍ يغدو الجسد فيها بألوان ثيابه وعصابة رأسه شعاراً لعقيدة، كحشد أجسادٍ هي في الحقيقة مجرد أصابع هيأتْها سلطة بدويّة لأن تكون مستعدة للضغط على الزناد.

     
  2. mohamedali

    mohamedali مشرف عام

    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
     
  3. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    مشكور مرورك الجميل استاذ محمد عبد الوهاب
     

شارك هذه الصفحة