الاحتبـاس الحــراري

جمال الاسدي

الاحتباس الحراري او ظاهرة البيت الزجاجي Green House Effect ظاهرة طبيعية وضرورية لوجود الحياة على كوكب الارض وهو السبب الرئيس لاحتفاظ الارض بالطاقة اللازمة لتفاعل ونمو الكائنات التي تضمها الانظمة البيئية الارضية المختلفة


ولذلك يجب حجز الطاقة القادمة من الشمس ضمن الغلاف الجوي الارضي كأننا في بيت زجاجي، غير ان غلاف هذا البيت ليس من زجاج او بلاستيك بل من بخار الماء والغازات والسحب والمواد الصلبة والاملاح والحوامض العالقة بالجو ، ويؤكد المختصون انه من دون عامل الاحتباس الحراري سينخفض متوسط حرارة الكرة الارضية الى حدود (20) درجة مئوية تحت الصفر .
اي ان هذه الظاهرة هي التي تضمن ظروف الحياة بصورة عامة .
مشكلة الاحتباس
اذن المشكلة لاتكمن في ظاهرة الاحتباس الحراري بل في ماحدث لها من تفاقم خطير نتيجة عوامل في معظمها بشرية ، فالانشطة البشرية المختلفة قد زادت كثيراً
من انبعاث الغازات والمواد الحابسة للحرارة بحيث قلبت مفعول الاحتباس الحراري من ظاهرة ايجابية تضمن الحياة الى عامل سلبي يهدد الوجود والكون كله.
يقوم الغلاف الجوي للكرة الارضية بشكل طبيعي ومتوازن لكي يحتفظ بالحرارة اللازمة التي تكفل بقاء الحياة واستمرارها على سطح هذا الكوكب وقد استمر هذا التوازن الاف السنين، ولولا هذه الحماية التي يوفرها الغلاف الجوي ازاء موجات الصقيع الكوني لانقرضت الاحياء على هذا الكوكب وهكذا يقوم الغلاف الجوي بدور البيت البلاستيكي او الزجاجي الذي تنمو فيه النباتات ومن هنا جاء مصطلح البيوت الزجاجية او مايسمى بظاهرة الدفيئة.
ظاهرة الدفيئة
تمتص الغازات الدفيئة بفعالية الاشعاع الاحمر الذي ينطلق من سطح الارض ومن الغلاف الجوي نفسه بسبب الغازات نفسها ومن السحب وتنطلق اشعاعات الغلاف الجوي في جميع الجهات بما في ذلك اسفل في اتجاه سطح الارض وهكذا تختزن غازات الدفيئة الحرارة داخل نظام السطح - التربوسفير - ويطلق على ذلك اسم ظاهرة الدفيئة الطبيعية ويقترن اشعاع الغلاف الجوي بقوة مع درجة حرارة المستوى الذي تثبت عنده نقل درجة الحرارة بصفة عامة كلما ارتفعنا في التروبوسفير ومن الناحية العملية فان الاشعاع تحت الاحمر الذي يبث في الفضاء ينشأ عن ارتفاع يبلغ عنده متوسط درجة الحرارة 19مْ وهو مايتوازن مع صافي الاشعاع الشمسي الوارد بينما تظل درجة حرارة سطح الارض مرتفعة بصورة اكبر كثيرا حيث تبلغ في المتوسط 14 مْ وتفضي زيادة في تركيز الغازات الدفيئة الى تزايد عدم الشفافية تحت الحمراء للغلاف الجوي ومن ثم الى فعالية الاشعاع في الفضاء من ارتفاع اعلى عند درجة حرارة اقل ويؤدي ذلك الى حدوث تأثير اشعاعي وهو اختلال لايمكن يعويضه الا عن طريق زيادة درجة حرارة نظام السطح التروبوسفير وهي ظاهرة الدفيئة المعززة.
الغازات الدفئية
اما الغازات الدفئية فهي تلك المكونات الغازية الطبيعية والبشرية المنشأ التي يتألف منها الغلاف الجوي والتي تمتص وتبث الاشعاع عند اطوال موجية محددة في نطاق طيف الاشعاع تحت الاحمر الذي يبتعثه سطح الارض والغلاق الجوي والسحب تؤدي هذه الخاصية الى تكون ظاهرة الدفيئة والغازات الدفئية الرئيسية في الغلاف الجوي هي بخار الماء وغاز ثاني اوكسيد الكاربون CO2 واوكسيد النتروز N2O والميثان Ch4 والاوزون O3 بالاضافة الى ذلك يوجد في الغلاف الجوي عدد من غازات الدفيئة البشرية المنشأ مثل الهالوكربونات وغيرها من المواد المحتوية على الكلور والبروم .
غاز ثاني اوكسيد الكاربون CO2
يعد غاز CO2 من اهم غازات الاحتباس الحراري اذ تتراكم في الجو بسبب النشاطات البشرية المختلفة على سطح الكرة الارضية، ان هذه الغازات هي التي تقوم باقتناص الاشعة الحمراء وتبعثها في الجو فتؤدي الى تسخين ملحوظ في الكرة الارضية، ان تركيز هذا الغاز في الجو ارتفع من 315 جزءا بالمليون عام 1985الى (348,7) جزء بالمليون عام 1987 حى وصلت الى 350 جزءا بالمليون عام 1988 وفي نهاية القرن الحالي 2010 ستصل الى 550 جزءا بالمليون.
هذه الزيادة في تركيز الغاز نتجت عن احتراق انواع مختلفة الوقود كالفحم والنفط الغازات الطبيعية التي شكلت بمجموعها (5) مليارات طن من الكاربون.
ان الغلاف الجوي يحتوي اليوم على حوالي نصف الكاربون الذي اطلق منذ ايام الثورة الصناعية عام 1916 والباقي وجد طريقه الى المحيطات او دخل ليشكل جزءا من المادة العضوية على الارض.
ان امتصاص المحيطات للغاز يبقى محدودا بمدى وجود الايونات الكاربونية في الماء لتكوين الكاربون وغاز ثاني اوكسيد الكاربون حيث ان co2 يعد من الهوامش الضعيفة التي تؤدي الى خفض الدالة الحامضية (الاس الهيدروجيني PH )في المحيطات ما يؤدي الى تحويل الكاربون من كاربونات الى غازCO2 .
ان وجود غاز CO2 في جو الارض يعمل كمادة عازلة تقتنص وتحبس الكثير من الطاقة الحرارية التي تشع من الارض، لقد قدرت نسبة الزيادة في دورة الكاربون في الجو حوالي 20 % وفي دورة النايتروجين حوالي 50% ودورة الكبريت حوالي 100% ومن اثار ذلك ازدياد كميات الكاربون والكبريت بشكل غازات تنطلق للجو وهي المسؤولة عن مظاهر التلوث الجوي المختلفة.
ان للنباتات دورا مهما في تثبيت درجة حرارة الجو فعملية نتح (تعرق) اوراق النباتات تزيد من الرطوبة في الجو ما يساعد على هطول الامطار وهذا يكون واضحا في الغابات الاستوائية حيث تتوقف الامطار بعد وقت قصير من توقف اخضرار اوراق النباتات وتؤثر السحب وخضرة النباتات والغابات كلها معا في نصوع الارض اي مقياس بريقها وهذا يؤثر بالتالي في حرارتها بقدرته على عكس ضوء الشمس وحرارتها باتجاه الفضاء.
ان الملاحظ لغاز Co2 يتبادر له ان هذا الغاز غير سام وغير خطر على تلوث البيئي لكن وجوده المتزايد في الجو وقدراته على انفاذ الشعاع الشمسي الاتي للارض ومنعه للاشعة تحت الحمراء المنعكسة منها من النفوذ الى خارج الجو جعل الناس يتخوفون من ان ترتفع درجة حرارة الارض بالتدريج ويعتقد العلماء ان نسبة غاز Co2 سوف تتضاعف في وقت ما من القرن المقبل نتيجة للنشاطات البشرية المحتملة ما يؤدي الى ارتفاع درجة حرارة الكون بين 2 - 3 درجات مئوية نستنتج ان غاز CO2 مسؤول عما يزيد عن 60 بالمائة من ظاهرة الاحتباس الحراري .
غاز الميثان CH4
ينبعث غاز الميثان من البحيرات المغلقة والمياه الاسنة وكذلك من مناطق استخراج النفط وقد زادت عملية انطلاق نسبته بالجو مع زيادة عمليات التصنيع وكذلك عند حصول عمليات تخمر الفضلات النباتية والزراعية والحيوانية نتيجة لتحلل المركبات العضوية الموجودة في التربة. وكذلك ينبعث بكثرة من حقول الارز حيث تم تقدير انبعاثه من 100 - 110 ملايين طن سنويا وتساهم زراعة الرز في الصين بنصف هذه الكمية وعليه ارتفعت انبعاثات غاز الميثان من 75 مليون طن عام 1950 الى 115 مليون طن عام 1980.
كما ان تحلل روث الحيوانات هو مصدر اخر من مصادر انبعاث غاز الميثان ويستطيع هذا الغاز ان يحبس الحرارة بمقدار خمس وعشرين مرة على قدرة غاز CO2 لذا فهو يساهم بقدر كبير في زيادة معدلات درجات الحرارة في جو الارض.

[read]غاز النيتروز N2O[/read]
حيث يعتبر احد الغازات المنبعثة نتيجة لتحلل الفضلات النباتية بفعل البكتريا للتربة وكذلك ينبعث من عمليات احتراق الاخشاب كما زادت نسبته بعد التوسع في استخدام الاسمدة الكيمياوية .

غازات كلوروفلوروكاربون CLFC
تعد هذه الغازات التي تسمى (بغاز الفريون) من الغازات الصناعية حيث لم تكن موجودة في الغلاف الجوي مثل اعوام الصناعة حيث تعد من الغازات التي لها القدرة على تدمير طبقة الاوزون O3 وتستخدم كغازات تبريد الثلاجات والمكيفات والمجمدات وكوسائل تنظيف للاجهزة الدقيقة وصناعة الفلين الصناعي كما يستخدم قسم من هذه الغازات في عمليات اطفاء الحرائق ولها القدرة الهائلة على البقاء في الغلاف الجوي مدة طويلة تصل الى 150 سنة .
سدادسي فلوريد الكبريت SF6
من الغازات المهمة التي تدخل في صناعة الاجهزة الكهربائية الضخمة كالمحولات الكهربائية وكذلك الكيبلات ذات الجهد العالي كما ينبعث ايضا من خلال عمليات صهر الالمنيوم وبعض الصناعات التي يدخل في تكوينها المغنيسيوم .
البير وفلورو كاربونات PFC
تعتبر هذه المواد ناتجة من صناعة الحديد الصلب وانتاج الوقود الخاص بالصواريخ اذ يستخدم الفلوروسبار في هذه الصناعات اذ تعد الولايات المتحدة الاميركية اكبر دولة منتجة لهذه المواد .
ان تاثيرات ارتفاع درجة الحرارة سوف يؤثر على النمط السائد لتوزيع الامطار فوق الارض وبالتالي سوف يتأثر توزيع الموارد المائية في العالم. وقد يؤدي الى فيضانات مدمرة عالية في مناطق وجفاف قاتل في مناطق اخرى اي اختلال في التوزان الكوني.
كما ان تأثير الانتاج الزراعي سوف يتأثر والظروف الصحية الخطيرة سوف تنتج عن هذه الظاهرة من خلال هجرة الامراض الناشئة لبعض المناطق الباردة مثل الكوليرا والملاريا.
ان تغير المناخ اصبح حقيقة واقعة بعد تزايد معدلات الظواهر المناخية الحادة مثل الاعاصير وموجات الحرارة المرتفعة والفيضانات المدمرة .
اذن نستطيع القول ان انبعاث Co2 يزيد من تركيزه في الغلاف الجوي ويؤدي الى ارتفاع درجة حرارة الارض وتزداد تبخرات المحيطات وملوحة السطح عند خطوط العرض شبه الاستوائية وازدياد الانصهار الجليدي والجريان المدمر عند خطوط العرض القريبة من المنطقة القطبية، انخفاض ملوحة سطح المحيطات في مواقع اساسية للحمل الحراري العميق في شمال الاطلسي .
ابطاء او توقف دوران المحيطات الذي يوزع حرارة الكوكب مايؤدي الى تغيرات مفاجئة في المناخ .

 

تسلم الايادى كوتش هيثم

 

مشكور استاذنا كوتش هيثم سعدون

 

مشكور مرورك الجميل استاذ محمد عبد الوهاب

 

مشكور مرورك الجميل استاذ محمد عبد الله