1. تنويه:
    تم إيقاف التسجيل في المنتدى مؤقتا، للتواصل أو طلب الانضمام للمنتدى، نرجو التواصل معنا.
    الأعضاء السابقون ما يزال بإمكانهم تسجيل الدخول.

بطاقة الدخول الى الجنة

هذا النقاش في 'المنتدى العام' بدأه Haitham sadoon، ‏27 نوفمبر 2009.

  1. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    جواد محسن

    عندما تسرب من ذاكرة الحرب لم يكن يعتقد انه انتهى من كابوس كان يأبى ان ينسحب الى خلف حدود لهاثنا ولكنه وفي قمة ابتهاجه بعودته دون خسائر وجد نفسه ازاء خسارته الكبرى جرحه الذي لن يندمل، انها خسائر الذات.


    فحبيبته التي صمد سنين طوالاً آملا ان يقطف ازهار رغباتها سرعان ماوجدها في بيت رجل آخر تحت ضغوط اهلها الذين كانوا يرون في انتظارها له نوعا من الوقت الضائع فالحرب لاتنهض الاعلى المزيد من الضحايا وكان هو رقم محتمل لحرب تجثم على صدور ابنائها.
    لم يستطع ان يستوعب ما حدث كان ثمة هاجس يؤرقه في انه اصبح غير قادر على البقاء في المكان نفسه وبالاحداث نفسها، ان الذكريات تغلف نفسها بجاذبية آسرة ولم يكن يملك الا حلا واحداً للتخلص من وطأة هذا الاحساس، ان يغادر الى حيث يتقاطع مع الماضي الذي لا يريد ان يكون امتداده.
    لكن سنوات الغربة لم تزد جرحه الا احتمالا على وجع اكبر كان يعشق على طريقته الخاصة باسلوب تعلمه من الفضاء المفتوح على الموت تخلفه المعارك كان ينتظر حدثا ً يعيد اليه توازنه
    البلد الذي ادمن الحروب ها هو ينتج حربا جديدة فهي طريقته الوحيدة للبقاء صامداً ازاء الوهم الذي يصنعه متلذذاً بساديته، لكن الوهم هذه المرة كان بحجم الخديعة التي صنعها لم يستطع ان يقاوم حنينه الموجع والمدجج بالهواجس، ورغم الاخبار السيئة التي تصله عن الفوضى الهائلة التي تجتاح بلاده والشوارع التي تستيقظ على اصوات الموت الا انه صمم للعودة، على حلم بان يموت هناك على ارض طالما اعتقد انها تصلح لتكون بوابة رحيله الى الخلود.
    كان الانتقام هاجساً ينمو ببطء داخله، لم يستطع ان يتبين حدود هذا الانتقام ومداه ولهذا سمح له بان يكبر ووجد في الضياع الذي يلف الوطن نوعا من المبرر له في ان يصنع موتا جميلا على مقاسة الألم الذي كابده.
    وصل الى الارض التي يعشق والسماء التي طالما تدفأ تحت معطف محبتها لم يدع الوقت يفلت من بين يديه اذ سرعان ما اتصل بمجموعة كانت تجد في الانتحار نوعا من التطابق مع ماضيها، شكلا من اشكال الوجود في وجود يتقلص الى ظل.
    كانت الرغبة في الموت عارمة في داخله تتأجج احتراقا ولايمكن لكل التمنيات ان تطفئ شوق النار الى الاشتعال وسرعان ما جاءته الفرصة وتم اختياره ليكون القادم على مذبح احلامه، ارتدى الحزام الناسف وكأنه يرتدي قميصاً للسهرة، كانت مشاعره محايدة تماما ولم يكن يعلم على وجه الدقة طبيعة هذه المشاعر التي تنتابه، كل ماكان يعرفه ويريد ان لا يعرف سواه انه على موعد قريب من رحلة نحو وجود يتطابق مع الحلم الذي اسس له.
    صعد السيارة الصغيرة التي تتجه الى نقطة لا يعرف حدودها متحسساً الحزام الذي يغلف به جسده معتقداً انها خلاصة الرحلة وانه على مقربة من الخيال الذي انشأه.
    وفي رغبة منه ربما كنوع من حب الاستطلاع او كحاجة للاستمتاع بالثواني القليلة المتبقية له من العمر رفع رأسه متفحصاً وجوه الركاب الذين سيشاركونه عرس الموت القريب الذي سيمنحهم بطاقة دخول مجانية الى الجنة.
    وكم كانت دهشته هائلة..
    كانت هي التي تجلس امامه، الحلم الذي افنى روحه لقاء لحظة الامساك به لم تتغير ملامحها كثيراً رغم انها قد تخطت الاربعين حزناً، كان وجهها يضج بعذوبة تأبى ان تغادر السماء التي نبتت على غيمها ولم يتمالك نفسه كانت هذه فرصته الاخيرة في ان يضع حداً لاسئلة مزقت ليل حيرته.
    ـ هل انت كوثر؟
    قال ذلك وهو يتحسس بيده الحزام الذي يختصر اوجاعه
    ـ وانت الست اكرم.
    وسرعان ماتبدلت تكتيكات الموت التي كانت تنشب باظافرها على لحم ذاكرته.
    اخبرته بان زوجها قتل في الحرب (ماقبل الاخيرة) وهو يخوض صراعاً يائسا مع عدو بلاملامح.
    كانت مشاعره تزداد حدة وتناقضاً هل يضغط على الزر وينهي هذه الميلودراما التي عمرها مجموع اعمار ضحايا يجهلون ماذا سيكتب على بطاقات موتهم.
    لم يترك نفسه اسيره لهذه التساؤلات وسرعان ماصرخ بوجه السائق.
    ـ انزلني ارجوك
    ولم تكن نظراتها ودهشتها لتمنعه من تكرار ندائه للسائق وعندما توقفت السيارة نزل منها سريعا محتضنا حزامه وابتعد قليلا..
    اما السيارة فقد استمرت في سيرها دون ان يكترث له احد من ركابها الا هي فقد كانت نظراتها تلاحقه متسائلة في سرها عن مصادفات اللحظة الاخيرة.
    كان يحث الخطى باتجاه مجهول وعندما وصل الى مكان خال حاول ان ينزع الحزام، ان يتخلص من العبء الذي اضافة الى تاريخه، كانت اصابعه تعبث بهذا المخلوق المشوه محاولا الغاء امكانيته في صنع موت بارد.
    اما نظراته فقد كانت تتجه صوب السيارة التي تنأى بنفسها بعيدة عنه، محاولا ان لا يضيع آثار أقدامها.
     
    آخر تعديل: ‏28 نوفمبر 2009
  2. mohamedali

    mohamedali مشرف عام

    جزاك الله خيرا
     
  3. بارك الله فيك استاذ هيثم سعدون
     
  4. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    مشكور مرورك الجميل استاذ محمد عبد الوهاب
     
  5. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    مشكور مرورك الجميل استاذ محمد عبد الله
     

شارك هذه الصفحة