النمل.. سلوك عقلاني منظَّم

يعمل بحكمة الجماعة

اظهرت دراسة ان بامكان النمل انجاز مهمة بطريقة اكثر عقلانية من الانسان رغم ما يتمتع به الاخير من علامات التطور والرقي التي يتفوق بها على باقي المخلوقات ومنها تعدد اشكاله واتساع علمه وثقافته واستخدامه الآلات والسير على قدمين ووجود الابهام في موقع مقابل لاصابع اليد.


اشار الباحثان ستيفن برات وسوزان ادواردز من جامعة اريزونا وجامعة برنستون بان:"هذا لا يعني بالطبع ان الانسان اكثر غباء من النمل، اذ غالبا ما يلجأ الانسان او الحيوان الى خيارات غير عقلانية عندما يواجهون حالات تتطلب اتخاذ قرارات حاسمة" ويضيف برات، استاذ مساعد في كلية علوم الحياة:"وجدنا انفسنا مضطرين للخروج بهذه الحصيلة المتناقضة اذ ان معظم افراد النمل يعرفون خيارا واحدا لا غير وان خيار المستعمرة الجماعي ينظم ذاتيا من خلال التفاعل البيني بين افراد محدودي الاطلاع".

حكمة الجماعة
نشأت هذه النظرية لدى الباحثين من خلال مراقبة عملية اختيار عش المملكة حيث تعيش مستعمرات النمل في تجاويف صغيرة يبلغ حجمها حجم جوزة البلوط، اذ انهم على قدر من المهارة اذ تمكنهم من ايجاد اماكن جديدة ليسكنوا اليها. يبقى التحدي الوحيد الذي تواجهه المستعمرة هو اختيار العش عندما يكون هناك خياران لهما نفس المواصفات والفوائد. وجد الباحثان خلال عملية صنع القرار الجماعي ان قلة الخيارات الفردية ترجمت الى نتائج اكثر دقة من خلال قلة فرص الافراد لارتكاب اخطاء، يعتقد ان ذلك يبرهن على وجود منهج "حكمة الجماعة". يؤكد برات بان:" العقلانية هنا يمكن فهمها على ان صانع القرار هنا- يحاول او يتوسع في خياراته- يجب عليه ان يكون على تجانس ووفاق مع افضليات هذا القرار. مثالا على ذلك، عندما يتعلق الامر بمحاولة الحيوانات التوسع في الخيارات امام ما يناسبهم يتحتم عليهم تصنيف هذه الخيارات سواء كانت مسألة اختيار مصادر طعام او ازواج او مواقع اعشاش وغيرها" ويضيف " اي سيكون من غير المنطقي او العقلاني ان يفضلوا خيار (ا) على (ب) يوم الثلاثاء ثم يعودوا ليفضلوا خيار (ب) على (ا) يوم الاربعاء في حال لم يطرأ اي تغيير على عوائد هذين الخيارين عليهما. نحن نعتقد ان من المفيد جدا وجود العديد من الخيارات والستراتيجيات والوسائل، في نفس الوقت، تبقى فرصة حدوث اخطاء غير عقلانية ممكنة عندما يعمد الافراد الى المقارنة ما بين الخيارات المتاحة امامهم".
تمكن هذه الدراسات، حول كيفية وسبب نشوء غير العقلانية، من التعريف اكثر باليات الادراك والتقيد بالاختيار والية صناعة القرار الجماعي. كما يمكن الاستفادة منها في تطوير وسائل الذكاء الصناعي. يقول برات:" ان النقطة الاساسية في استخدام الانسان الآلي الجماعي(مجاميع كل فرد منها مكمل للآخر) هو ان الانسان الآلي الواحد على درجة من البساطة وعدم التعقيد في الوقت الذي تحصل فيه على نتائج اكثر ذكاء وتعقيدا في حال عملت كمجموعة" ويضيف "نعتقد بان القدرة على اداء المهام بدون سيطرة مركزية معقدة تكون مفضلة اكثر في النظام الصناعي وان فكرة تحديد المستوى الفردي للمساهمة في انجاح المستوى الجماعي امر جيد بالفعل".
كيف يمكننا فهم الانظمة الاجتماعية الانسانية من خلال هذه النتائج؟

قدرة فائقة
يجيب برات "يصعب الحديث عن هذا الامر لكن بالامكان ان نفكر ببعض الحدود الستراتيجية للمعرفة الفردية التي قد تسهم في تحسين اداء مجاميع اكثر تعقيدا تحاول ان تنجز مهمة ما عبر عمل جماعي".
ولتوظيف عقلانية النمل في اغناء الذكاء الصناعي بالاستفادة من اكثر الكائنات تعقيدا في الطبيعة، بدأ مجموعة من العلماء العمل على تطوير نوع جديد من برمجيات نظام حماية الحاسوب مستوحى من النمل.
يقول ايرين فالپ، استاذ علوم الحاسبات والخبير في انظمة حماية وشبكات الحاسوب، بان" مراقبة سلوك النمل عند تعرض المستعمرة لاي تهديد، اوحى لنا بتطوير سلاح جديد لحماية الحواسيب من الفيروسات والمتطفلين (المتسللين).
حيث يستخدم النمل "الذكاء الجماعي" لطرد الدخلاء، ففي حال تم رصد اي تهديد من قبل فرد في المستعمرة يهب الجميع ويلحق به العديد من الافراد لمواجهة الخصم وايقافه ليعودوا بعدها لمزاولة واجباتهم الروتينية، هذا ما نطمح الى تحقيقه في هذه التجربة".
يتم الآن استخدام هذه الستراتيجية في برمجيات حماية الحاسوب عبر توظيف ما يسمى " النمل الرقمي" الذي سيبحث خلال تجواله عبر شبكات الحاسوب على اي تهديد كالمتسللين- وهي برامج تتكرر ذاتيا مصممة لسرقة المعلومات او تسهيل دخول غير المخولين لاستخدام الحاسوب- وعندما ترصد النملة الرقمية تهديدا ما يلحق بها جيش من النمل ليجتمعوا في الموقع لجذب انتباه المستخدم الذي سيبدأ بدوره تقصي السبب.
يشير فالپ الى ان انظمة الحماية الحالية مصممة للدفاع ضد كل التهديدات المعروفة في اغلب الاحيان، لكن مفهوم " الذكاء الجماعي" قد يسهم في تحويل ضبط الحماية كونها مهيأة مسبقا لاي تهديدات متغيرة حيث يعتقد الباحثون انها ستكون اسرع من الانظمة المستخدمة حاليا التي تحتاج الى التحديث باستمرار لتتمكن من رصد تهديدات جديدة محتملة. معظم مستخدمي الحاسوب يواجهون ذات المشكلة، فكلما تم تحديث او طرح برامج جديدة فان المشكلة ذاتها لازالت قائمة - برنامج حماية يستنزف الوقت وبالنتيجة حاسوب بطيء.
يؤكد گلين فنك، باحث علمي من المختبر الوطني لشمال غرب الباسيفيكي، الذي قام بطرح فكرة تقليد اسلوب النمل على طاولة البحث بان:"الفكرة تقوم على اساس نشر 3000 نوع مختلف من النمل الرقمي توكل لكل واحدة منها مهمة البحث عن تهديد وخلال حركتهم ضمن الشبكة سيخلفون اثرا او رائحة رقمية على غرار ما يتركه النمل في الطبيعة لارشاد باقي الافراد لهم. سيتم برمجة النمل الرقمي على ترك رائحة اقوى في كل مرة يتم الكشف فيها عن تهديد لغرض جمع عدد اكبر من النمل وتكوين الحشد (الجماعة) الذي يؤشر الى وجود خطر كامن". وخلال الدراسة التي اجريت هذا الصيف، قام فالپ بادخال طفيلي الى شبكة حاسبات نجح النمل الرقمي بالكشف عنها ويقول فالپ " النظام الامني الجديد سيناسب الشبكات الكبيرة المتكونة من نفس اجهزة الحاسوب كتلك الشبكات المستخدمة في الدوائر الحكومية والشركات الكبرى والجامعات.

 

بارك الله فيك استاذ هيثم سعدون

 

مشكووووووووووووووور

 

مشكور مرورك الجميل استاذ محمد عبد الله

 

مشكور مرورك الجميل استاذ محمد عبد الوهاب