الغابة

ياسين طه حافظ

وأنا اهرب من كثرة "الكلام" في القنوات الفضائية حيث لقاء يتبع لقاءً وحوار يتبع حواراً وضيف يلي ضيفاً. واسئلة مشاهدين واجوبة واجوبة يعترض عليها باسئلة ...


ثلاثة ارباع البرامج لغو، قد يكون في بعضه ما يفيد، ولكن الملل من القناة نتيجة مؤكدة والهروب من مشاهدتها مؤكد اكثر. اضف الى ذلك العبء الدبق المملّ من كمَّ الاخبار السيئة المحزنة والمزعجة في آن، مما يجري في الوطن العربي وخزعبلات الخارج والداخل والمساومات السياسية المعيبة والصفقات.. كم يستطيع المشاهد ان يتحمل وهو يرى محاولات العرقلة لاجل فرصة صيد، والنظر والاستماع الى كثرة التفاصيل الصغيرة واحالة الكبيرة الجادة والمهمة الى المستقبل، هذا المستقبل، الذي الله وحده يقرر زمنه ومتى يكون ”حاضراً”. أقول هذا وانا اهرب من هذه الى برامج عن الطبيعة والفضاء، الى فيلم، غير عربي، ارى فيه حياةً، موقفاً انسانيا من الكوارث، من الحياة، من مِحَنِ الانسان المختلفة ومشقات أو مباهج الوصول. توقفت اليوم، اتابع حادثاً من حوادث الغاب. فقد كان هناك في الغابة القريبة من النهر، "بفالو" اسميه جاموساً (لاجعل منه مذكراً فلا اقول جاموسة). وهو حيوان ضخم قوي يعيش في البرّ وينزل مطمئناً الى الماء...
لكن هذا الجاموس، ترصّدته السباع في اطراف الغابة. اسود تنتظر فريسةً. سباع تريد ان تعيش، ان تقتات، ان تتلذذ بلحم غيرها. وامامها حيوان ضخم قوي. فهناك إذن مسألة : هي سباع جريئة وهو "جاموس" قوي. لا بد إذن من خبرة للهجوم وتحقيق النصر. بدأ الهجوم بخطة محكمة. فقد تحددت اولا مناطق الضعف في هذا الحيوان الضخم والقوي، ثم بدأت السباع بمهاجمته. كانت الضربة الاولى، او العضة الشرسة الاولى من انفه، أي من رأسه! والهجمة الثانية نهشَتْ شرجَهُ، أي مؤخرته. معنى هذا ولمزيد من الايضاح، ان الضربة الاولى على رأسه أو بدايته والثانية على مؤخرته او نهايته. وهما اضعف منطقتين في ذلك الكيان القوي، أي في الحيوان الكبير الضخم. وحين سقط، وقبل ان يسقط، بدأ نَهْشُ القطع الطرية من جسده حتى استحال في الاخير مأدبة للـ ”سباع”!
انا حتى الآن أروي لكم، احدثكم، عمّا شاهدته في احدى القنوات. وهو مشهد في غابة، بين حيوان ضخم قوي، بري نهري، وبين سباع ارادت لحمه. ارادت ان تتوفر على لحم مكتنز طازج وغذاء وفير من هذا الحيوان الذي بدا عصياً. لكن الضربة على رأسه والضربة القاضية على مؤخرته، انهتا قوته ومقاومته فاستسلم. وحينما استسلم تحوّل قطعاً من لحمٍ لسباع الغابة..
وعلى طريقة الرواة القدامى اعيد فأقول: اني ذكرت لكم ما شاهدته في احدى القنوات. وانه مشهد في غابة كان الضحية فيه حيواناً ضخماً قوياً تناهشت لحمه السباع.
اعتذر لكم إن أوحى لكم هذا الكلام بما يزعج أو إذا أثار فيكم همّاً سياسياً أو ثقافياً، أو وضعكم امام إشكال فكري. فانا اصلا لم اتحدث عن الوطن الذي ضرب على رأسه ولم اتحدث عن الثقافة الوطنية التي تناثرت امام الفوضى، ولم اقل الا ان السباع نهشت اول ما نهشت من "الجاموس الضخم القوي بدايته أو رأسه ثم نهشت مؤخرته، فهذا كلام وتصوير الفيلم الذي شاهدته وانا رويت لكم ما حدث كما شاهدت. فلا انا مصوّر الفيلم ولا انا مخرجه لتوجهّوا الى اللوم. اما ان تتوقّد اذهانكم بتفاسير اخرى، فانا لا استطيع ان امنعكم عنها، لان النص، كما يُقال، لم يعد ملك المؤلف، وان للقارئ الحق في الفهم والتأويل...

 

شكرااا اخى على الموضوع

 

جزاك الله خيرا
والموضوع يتفهم بأكتر من معنى لكن المعنى الواضح, ربنا يستر علينا من اللي فعلا بدأوا ياكلو لحمنا واحنا عاجزين أو ندعي العجز والكسل يسيطر علينا في عدم نصرة ديننا
واخواننا الذين يمزقون من قبل اعدائنا الذين ينهشوا أعراض اخواتنا المسلمات في شتى انحاء الأرض ولا يوجد معتصم يثور لأجل هؤلاء اللاتي يعتدى على اعراضهم(عفوا بل على أعراضنا)
حسبنا الله ونعم الوكيل في هذا العجز المخزي

 

جزاك الله كل خير كابتن هيثم

 

مشكور مرورك الجميل استاذ محمد عبد الوهاب

 

جزاك الله خيرا على التعليق الجميل اخي محمد نجف
ومشكور على المرور الرائع

 

مشكور مرورك الجميل اخي عبادي