1. تنويه:
    تم إيقاف التسجيل في المنتدى مؤقتا، للتواصل أو طلب الانضمام للمنتدى، نرجو التواصل معنا.
    الأعضاء السابقون ما يزال بإمكانهم تسجيل الدخول.

شريحة بعد اخرى

هذا النقاش في 'المنتدى العام' بدأه Haitham sadoon، ‏14 يناير 2010.

  1. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    [​IMG]

    العلماء يبنون ماكنة دماغ الإنسان

    في مدينة سان دييغو، وفي ظهيرة شاحبة لاول اربعاء في شهر كانون الاول 2009، تجمع بعض العلماء حول ما بدا كونه كتلة متوسطة الحجم من اللبن المجمد، تبرز من سطحها الخارجي دوامة من الادخنة الجليدية الجافة.


    وبينما سار الوعاء المكعب الشكل، المثبت على منصة متحركة، ببطء شديد باتجاه مستوى شفرة فولاذية حادة مركبة على سطح المنصة، تنفس العلماء الصعداء. لقد قامت الشفرة الحادة بقطع الطبقة العليا من تلك الكتلة البيضاء، ولفتها بحركة بطيئة كانها شريحة من لحم البروشيتو( طريقة ايطالية في تقديم اللحوم).
    وتكررت تلك العملية عدة مرات بنجاح، ومن ثم وصل العمل الى نقطة كانت وردية اللون في البداية، والان هي شيء غير واضح، وتنمو الان مع كل شريحة مثل نبيذ وردي خفيف مسكوب على بساط من القشدة الا وهو دماغ الانسان. هذا ليس دماغ اي انسان كان، بل هو دماغ هنري ماليسون والمعروف بصورة عالمية من خلال الاحرف الاولى لاسمه واسم عائلته، وهو شخص فقد الذاكرة بعد ان ساهم في مئات الدراسات حول الذاكرة وتوفى في العام الماضي بعمر ناهز ال 82 عاما. (وافق ماليسون على منح دماغه منذ عدة سنين مضت بعد استشارته لاحد اقاربه).
    "يمكنك ان تلحظ لماذا كل واحد هنا متوتر للغاية"، كما كان يقول الدكتور جاكوبو انيس، الاستاذ المساعد لاختصاص الطب الاشعاعي في جامعة كاليفورنيا، بينما كان يرفع بدقة متناهية وتان عال شريحة مفصولة من تلك العبوة ويضعها في اناء خاص يحوي على محلول ملحي، واضاف:"انا اشعر بان كل العالم واقف فوق كتفي يتفرج عليّ."
    وهكذا كان الامر حقا، فالالاف دخلوا الى موقع الانترنت الذي كان ينقل العملية مباشرة لمشاهدة ما يجري. ووضعت عملية التشريح تلك علامة لبلوغ الذروة، من حيث انها تعاملت مع دماغ شخص معروف السيرة مثل هنري ماليسون، وكذلك لانها سجلت نتيجة تحضيرات استمرت بتواصل لاكثر من عام لاجل انجازها، وبتنسيق من الدكتورة سوزان كوركين، الباحثة في مجال الذاكرة في معهد ولاية ماساشوستس التقني والتي عملت مع ماليسون طوال العقود الخمسة الاخيرة من حياته.
    ولكن تلك اللحظة مثلت ايضا بداية لشيء اكبر حجما واهمية، كما يامل الدكتور انيس والعديد من العلماء الاخرين، حيث قالت الدكتورة ساندرا ويتلسون، وهي عالمة متخصصة بالاعصاب في كلية الطب التابعة لجامعة ماكماستر في كندا التي تحتفظ ب 125 دماغاً بشرياً ومنها دماغ العالم البرت اينشتاين،:"فتح بدء عمليات تصوير طبقات الدماغ افاقا واسعة، ولكنني اجمالا اعتقد ان الناس المتحمسين لهذه الحالة قد نسوا كم هي مهمة وما زالت الدراسة التشريحية لانسجة الدماغ، والذي يجري يمثل نوعية المشروع الذي من الممكن حقا ان يعيد انطلاق الاهتمام بهذا المجال."
    ويطلق على المشروع الذي تنفذه جامعة كاليفورنيا اسم مرصد الدماغ، وهو يقبل العديد من الادمغة المتبرع بها لاجل البحث ويمثل جهدا يعبر بنا الى المستقبل. يعتبر تشريح الدماغ حرفة تعود الى قرون خلت، وعملت على مساعدة العلماء على فهم مكان الوظائف التي يؤديها الانسان مثل المعالجة اللغوية او تجمع الرؤية، وكذلك لمقارنة المادة الرمادية والبيضاء للدماغ وتراكيز الخلية على البشر باختلاف مناطق سكناهم ولفهم الضرر الحاصل في الامراض المزمنة مثل مرض الزهايمر والجلطة الدماغية.
    ومع ذلك لا يوجد حتى الان مقياس موحد لكيفية تقطيع الدماغ، ويقوم بعض العلماء بتشريح الدماغ الى شرائح بدءا من قمة الراس نزولا، بموازاة السطح المار خلال الانف والاذان. ويقوم علماء اخرون بقطع الدماغ الى عدة قطع كبيرة، ويعملون على تشريح مناطق معينة من الدماغ تثير اهتمامهم. ولا توجد طريقة مطلقة للتشريح، وان اي قطع ممكن ان يجعل من الصعب، اذا لم يكن مستحيلا، اعادة بناء الدوائر التي تربط الخلايا في المناطق المتفاوتة من الدماغ والتي تعمل بطريقة ما على خلق عقل يفكر ويشعر.
    ولاجل ايجاد صورة متكاملة باكبر قدر ممكن، يعمل الدكتور انيس على تقطيع شرائح بسمك رقيق جدا بقياس 70 مايكرون لكل شريحة، وهي نفس سمك الورقة العادية، من كامل الدماغ، وهي تقريبا بموازاة مستوى سطح الجبين من الامام الى الخلف. وربما يكون اكثر الرواد المعروفين في طرق تشريح كامل الدماغ هو الدكتور باول ايفان ياكوفلوف، الذي بنى مجموعة من الشرائح لمئات من الادمغة المحفوظة الان في احدى المباني في العاصمة واشنطن.
    ولكن الدكتور انيس عمل شيئا لم يفعله الدكتور ياكوفلوف، حيث استخدم تقنية حاسوب متقدمة تقتفي اثر كل شريحة وتعمل على اعادة انتاجها، فكل دماغ كامل ينتج عنه ما يقارب 2500 شريحة، وان كمية المعلومات التي تستوعبها كل شريحة، اذا ما اضيفت التفاصيل المجهرية، سوف تملأ مخزون الحاسوب بمقدار الف مليار بايت. تعمل اجهزة الحاسوب الان في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو على ملاءمة كل هذه الشرائح مع بعضها البعض لدماغ ماليسون لخلق ما اطلق عليه الدكتور انيس"محرك بحثي ارضي شبيه بحجم معلومات نظام الغوغل"، ليكون اول دماغ يعاد بناؤه بالكامل، وليمثل اطلسا دماغيا يتوفر لاي شخص يرغب بالدخول اليه عن طريق الانترنت.
    وقالت دونا سيمونس، وهي عالمة في مركز هندسة الدماغ في جامعة جنوب كاليفورنيا،:"نحن بصدد الحصول على نوع من التحليل وصولا الى ادنى مستوى من الخلايا المنفردة والتي لم تتوفر لدينا بصورة واسعة من قبل. سوف توفر عملية الوصول الى شرائح رقيقة لكامل الدماغ فرصا افضل بكثير لدراسة الروابط الموجودة بين الخلايا ودراسة الدوائر الرابطة نفسها، والتي يتوجب علينا ان نعلم عنها الكثير." ويقدر الخبراء بان هنالك حوالي 50 مخزنا للدماغ في كافة ارجاء العالم تحتوي على العديد من الادمغة لمرضى كانوا يعانون من مشاكل عصبية او نفسية، وبعضها منحت من قبل اناس لم يعانوا من اية اضطرابات. تقول الدكتورة كوركين:"بصورة نموذجية، من الممكن لكل باحث لديه التقنية اللازمة ان يفعل نفس الشيء مع عيناته." ولا تعتبر التحديات التقنية، برغم هذا، بالامر الهيّن، فلاجل تحضير دماغ ما لاجل تقطيعه الى شرائح، فيعمد الدكتور انيس في البداية الى تجميد الدماغ في محلول السكروز مذاباً فيه غاز نافذ الرائحة في درجة حرارة تصل الى 40 درجة مئوية تحت الصفر.
    وفي حالة دماغ هنري ماليسون، فان عملية التجميد استمرت لاربع ساعات لاكثر من مرة، مع انقاص اضافي لدرجة الحرارة في كل مرة ليصبح الدماغ، شانه شان اغلب الاشياء، اكثر هشاشة عند التجميد بحيث من الممكن ان يتصدع.
    وكان ماليسون قد فقد قابليته على صياغة ذكريات جديدة بعد اجراء عملية لدماغه ازيلت فيها قطعة صغيرة الحجم جدا من النسيج الموجود في باطن كل نصف من الدماغ بحيث جعل الدماغ ضعيفا اكثر من اي وقت مضى. “
    ان حدوث تصدع كان سيمثل كارثة."، كما يقول الدكتور انيس.
    وبمعونة قدمها ديفد مالمبرغ، وهو مهندس ميكانيكي يعمل في نفس الجامعة والذي صمم جهازاً تم استخدامه في القطب الجنوبي، فان المختبر الذي يجري عملية تقطيع الشرائح قد جهز بطوق معدني لاجل الحفاظ تماما على الدماغ المعلق في درجة حرارة مناسبة. ينبغي لدرجة الحرارة ان تكون بنقطة ملائمة، لان انقاصها عدة درجات يعمل على زيادة البرد وبالتالي الى اصطكاك الشفرة القاطعة بدلا من عملها المطلوب منها بالقطع بطريقة صحيحة، اما ازدياد الحرارة فيؤدي الى ولوج الشفرة الى داخل نسيج الدماغ.
    قام مالمبرغ بتثبيت درجة الحرارة من خلال ضخ الايثانول خلال الاطواق المعدنية بصورة مستمرة لتبقي الدماغ بدرجة حرارة 40 تحت الصفر، وقام بتعليق خراطيم الضخ باستخدام الاحزمة الموجودة في لوح التزلج والتي جمعها قبل ايام من عملية التقطيع.
    وبعد ان تمت عملية تقطيع الشرائح وتخزينها، وهي عملية مضنية استغرقت حوالي 53 ساعة، فسوف يبدا مختبر الدكتور انيس قريبا بعملية لا تقل عناء عن سابقتها بتركيب كل شريحة في شريحة زجاجية منزلقة، وسوف يعمل المختبر على تصنيف تلك الشرائح المنزلقة بفواصل منتظمة لاجل توضيح مميزات الدماغ المعاد بناؤه، وهو يخطط لتجهيز شرائح منزلقة بقصد دراستها. وسيتمكن باحثون خارجيون من طلب عينات لدراستها من خلال استخدامهم لطرقهم الخاصة بتصنيف وتحليل مكونات مناطق معينة تحظى باهتمام بالغ.
    تقول الدكتورة سيمونس:"ان العمل الذي اقوم به وهو التطلع الى اكتشاف اي جينات تصوّر بنحو مميّز موجودة في مناطق مختلفة من الدماغ، فهذا الامر سوف يمثل مصدرا هائلا بالنسبة لعملي."
    واذا ما سارت الامور كما مخطط لها، واذا ما قام مشروع مرصد الدماغ بفهرسة مجموعة متعددة الاشكال للادمغة الطبيعية وغير الطبيعية، واذا ما طبقت عمليا، وبصورة حاسمة، مختبرات اخرى تقنيات مشابهة لمجموعاتها الخاصة بها، فسوف يتكون لدى علماء الدماغ بيانات بحيث ستجعلهم ينشغلون تماما لمدة اجيال قادمة. ومن خلال عملها الخاص، وجدت الدكتورة ويتلسون اختلافات تشريحية مثيرة بين ادمغة الذكور والاناث، ووجدت ان الفص الجداري في دماغ اينشتاين، حيث يتركز الادراك الحسي المكاني، يفوق بنسبة 15 بالمئة عن المعدل العام له.
    تقول الدكتورة ويتلسون:"مع المزيد من هذه البيانات سوف نكون قادرين على اجراء جميع انواع المقارنات، على سبيل المثال، مقارنة ادمغة البشر المتفوقين في الرياضيات مع تلك التي يحملها الضعفاء في تلك المادة."، وتضيف:"بمقدورنا ان ناخذ شخصا ما مثل وين كريتسكي(شخص عبقري) على سبيل المثال، والذي لديه القدرة ليس فقط على تحديد مكان قرص لعبة الهوكي على الجليد ولكن ايضا اين سيذهب ذلك القرص لانه بوضوح يمتلك ميزة البعد الرابع الا وهو الزمن، ومن خلاله تحديد فيما اذا كان لديه اية مميزات تشريحية تفرقه عن الاخرين."(ما زال كريتسكي يستخدم دماغه في الوقت الحالي).
    وبهذا فان ماليسون، الذي استانف الدراسات الحديثة حول الذاكرة من خلال تعاونه في الدراسات التي اجريت في منتصف القرن الماضي، ربما يساعد على الشروع بمرحلة جديدة في القرن الحادي والعشرين، وهذا سيتم بمجرد انتهاء الدكتور انيس وزملائه من تصنيف الشرائح التي قاموا بتجميعها.
    يقول الدكتور انيس: (انه عمل ممتع للغاية لكي يجري الحديث عنه، ولكن لاجل رؤيته مكتملا، فالامر يشابه مشاهدة استمرار العشب بالنمو).
     
  2. amir

    amir عضو جديد

    :clap::clap::clap::clap:
     
  3. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    مشكور مرورك الجميل اخي صلاح الدين
     
  4. mohamedali

    mohamedali مشرف عام

    بارك الله فيك على الموضوع الرائع والمميز
     
  5. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    مشكور مرورك الجميل استاذ محمد عبد الوهاب
     

شارك هذه الصفحة