لماذا تتراجع أحكام الاعدام في اميركا؟

مارك كوارينوم

المدعون العامون في الولايات المتحدة اليوم اكثر ترددا في استحصال أحكام بالاعدام في قضايا قد يقلبها رأساً على عقب اثر ظهور دليل من فحوصات الحامض النووي.
كان عدد الاشخاص الذين تلقوا أحكاماً بالاعدام على مدى الأشهر الإثني عشر الماضية أقل مما شهده أي عام آخر منذ 1976، وهو العام الذي أعيد فيه العمل بهذه العقوبة في الولايات المتحدة الاميركية. تم الكشف عن هذه المعلومات مؤخراً من قبل مركز معلومات عقوبة الاعدام، ولكن هذا الامر لا يعني أن تلك العقوبة المميتة متجهة الى الزوال سريعاً. فهنالك 35 ولاية تتعامل بعقوبة الاعدام، بل في واقع الحال أن الحالات التي يحكم فيها بالإعدام قد ارتفعت بالفعل في بعض الولايات، مثل ولاية كاليفورنيا. كما تشير الاستطلاعات الى ان عقوبة الاعدام تلقى دعما من غالبية الاميركان. ترى إذن ما السبب في انحسار تطبيق هذه العقوبة بوجه عام؟
أحد الأسباب الرئيسية التي ترد على هذا التساؤل هو ان المدعين العامين يتنامى لديهم التردد أكثر فأكثر حين السعي لاستصدار ذلك النوع من الاحكام في قضايا قد تنقلب فيها الحقائق لاحقاً على اثر أدلة مستمدة من فحص الحامض النووي للانسان. فمنذ اقرار دخول فحوصات الحامض النووي كادلة جنائية في عام 1989 تم اسقاط 248 ادانة تجريم، 17 حالة منها كانت في انتظار حكم الاعدام، طبقا لما اورده مشروع البراءة في فلوريدا. يقول لانس لندسي، المدير التنفيذي للجماعة المسماة "مركز تحري عقوبة الاعدام" وهي مجموعة مناهضة لحكم الاعدام مقرها مدينة سان فرانسيسكو: " الشيء الذي اضافته فحوص الحامض النووي الى الجدل الدائر هو الاقرار بان عموم الناس حريصون أشد الحرص على أن يكون النظام القضائي دقيقا، وفحوص الحامض النووي ترمز إلى وجود رغبة حقيقية لدى الرأي العام في أن يكون تطبيقنا لتلك الاحكام صائباً لا خطأ فيه. كانت اخر قضية تدخلت فيها فحوص الحامض النووي وتصدرت عناوين الاخبار تلك التي تم الكشف عنها يوم الخميس 17 كانون الاول 2009، حيث برأت الفحوص المذكورة جيمس بين، وهو من ولاية فلوريدا، من تهم وجهت اليه بالاغتصاب تم على اثرها ارساله الى السجن في عام 1974 بحكم صدر عليه بالسجن مدى الحياة. وتمثل الأعوام الخمسة والثلاثون التي امضاها جيمس خلف القضبان اطول فترة يقضيها شخص ثم تثبت براءته بفضل فحوص الحامض النووي في الولايات المتحدة. وقد وجدت بعض الولايات الأميركية أنفسها تعاني من شدة الاهتمام والمضايقة اللذين تبديهما وسائل الاعلام بسبب النتائج التي تتوصل إليها فحوص الحامض النووي، ولكن الأدهى هو أن تلك الولايات اكتشفت بأن القضايا التي اقتضت تدخل فحوص الحامض النووي لحسمها كانت مكلفة مادياً. وإذا ما اتفق وارتبطت قضية من هذا النوع بعقوبة الاعدام فإن من شبه المؤكد أن تكون التكاليف مرتفعة للغاية. وقد اعطى تقرير صدر عن مركز معلومات عقوبة الاعدام في تشرين الاول الماضي تفاصيل توضح مدى ارتفاع التكلفة التي تكبدتها بعض الولايات جراء تعاملها مع قضايا تتعلق بعقوبة الموت. وفيما يلي إحدى الحالات المتعلقة بعقوبة الإعدام وفحوص الحامض النووي التي تتعامل معها بعض الولايات: فقد اقرت بعض الولايات قوانين تمنح بموجبها تعويضات مالية لسجناء سابقين تمت تبرأتهم. وفي ولاية فلوريدا يدفع مبلغ 50 الف دولار لقاء كل سنة قضاها الشخص الذي تثبت براءته في السجن، وهذا معناه ان جيمس بين يجب ان يتلقى مبلغ 1.75 مليون دولار كتعويض له. يقول سيث ميللر، وهو المدير التنفيذي لـ "مشروع البراءة في فلوريدا" ويعمل على تامين اطلاق سراح جيمس بين:" ينبغي النظر إلى مثل هذه القضايا على أنها خبرات تربوية بالنسبة للاشخاص الذين يتولون مهام توجيه الإتهام في قضايا الجرائم." فمن المحتمل ان تغيّر تلك القضايا الكيفية التي ينظر بها المختصون، على سبيل المثال، إلى المعلومات التي يوفرها المخبرون من داخل السجون وشهادات شهود العيان. يضيف ميللر: "ينبغي علينا ان نستثمر هذه الفرص لكي نتعلم لماذا تقع الإدانات الخاطئة وكيف نتجنبها في المستقبل. ولكن حتى لو توخى بعض المدعين العامين الحذر بشأن استصدار احكام الاعدام، فإن توجيه هذه العقوبة آخذ بالازدياد في مناطق اخرى. فقد ارتفعت احكام الاعدام في ولاية كاليفورنيا بنسبة 50 بالمئة منذ عام 2008، مع تركز غالبية الاحكام الصادرة في مقاطعات لوس انجلوس وريفرسايد واورانج، طبقا لما يقوله لانس لندسي من مجموعة "مركز تحري عقوبة الاعدام". وبوجود 690 نزيلا في سجون مخصصة للمحكومين بالاعدام، فان ولاية كاليفورنيا تحقق الرقم الاعلى بين الولايات الاميركية بهذا الخصوص، تليها ولاية فلوريدا بـ 403 محكوم بالاعدام.

 

:clap::clap::clap::clap:
مشكوووووووووووووور

 

مشكور مرورك الجميل استاذ محمد عبد الوهاب