1. تنويه:
    تم إيقاف التسجيل في المنتدى مؤقتا، للتواصل أو طلب الانضمام للمنتدى، نرجو التواصل معنا.
    الأعضاء السابقون ما يزال بإمكانهم تسجيل الدخول.

برج دبي إنجاز معماري وخيبة أمل

هذا النقاش في 'المنتدى العام' بدأه Haitham sadoon، ‏20 يناير 2010.

  1. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    [​IMG]


    كريستوفر هوثورن

    يمثل الافتتاح الرسمي لبرج دبي واحداً من أكثر اللحظات تعقيدا وغرابة في تاريخ الرمزية المعمارية. فبارتفاعه البالغ حوالي 2600 قدم ـ الرقم الرسمي لم تعلنه الجهة المطورة وهي إعمار العقارية ـ وطوابقه الـ 160
    ينتصب هذا البرج الواقع على بعد نصف ميل تقريبا من شارع الشيخ زايد المزدحم في دبي، ليكون أعلى مبنى في العالم.

    يعتبر هذا البرج الذي صممه "ادريان سميث"، وهو شريك سابق في أحد مكاتب شيكاغو، رمزا يستحيل تجاهله لمدى ما شهدته هجرة الطموح المعماري على مدى السنوات الاخيرة من أميركا الشمالية واوروبا الى آسيا والشرق الاوسط. ويعادل ارتفاع البرج المذكور تقريباً أرتفاع برجي مركز التجارة العالمي لو وضعا فوق بعضهما، وأقرب منافس له هو برج تورنتو سي أن، ولو أن هذا الأخير ليس مبنى في الحقيقة بل مجرد برج يحمل منصات للأقمار الصناعية ومرصداً، ولكنه بكل الأحوال أقصر منه بحوالي 900 قدم.
    لكن قص شريط البرج يوم الاثنين الماضي جاء في أسوأ الأوقات من حيث الملاءمة، اذ تستمر دبي بالتعامل مع انهيار هائل في أسعار العقارات وصلت آثاره الى الاسواق المالية في كل أنحاء العالم وأجبر الإمارة الطموح على طلب العون المالي من جارتها ابو ظبي، وتلك ضربة كبيرة لكبريائها. هذا البرج، الذي يذكر الناظر بنبتة الفاصوليا في قصص الأطفال، المتسلقة بلا نهاية نحو السماء، يضم فندق ارماني في طوابقه السفلى مع شقق ومكاتب في الاعلى، أغرق دبي بكم وافر من الحيز السكني والتجاري يفوق ما يستطيع السوق أن يستوعبه.
    وكذلك فيما يتعلق بالاهمية الرمزية الحقيقية لبرج دبي: اذ انه شبه فارغ، ومن المرجح بقاؤه هكذا في المستقبل المنظور. فرغم أن معظم شققه التسعمائة قد بيعت بالفعل، فإن ذلك حدث قبل ثلاث سنوات ـ أي في وقت ازدهار السوق ـ وهي بيعت بشكل أساسي كاستثمارات لا كأماكن للإقامة، لأن الكثير من تلك الصفقات كانت من باب المضاربة، كما يقول أدريان سميث. أما الآن فلا يوجد طلب فعلي في دبي على الحيز المكتبي في حين يحوي برج دبي 37 طابقا مخصصة كمكاتب.
    رغم ان دواعي شركة "إعمار" مفهومة إذ تمتنع عن كشف حجم ما هو مشغول أو سيشغل مستقبلاً من البرج فإن من العدل الافتراض، قياساً على العديد من ناطحات السحاب الجديدة في دبي، أن الطريق ماا تزال طويلة جدا أمام شغل البرج بالكامل. من هذا المنطلق يعتبر المبنى حضوراً رمزيا قويا يشهد على واقع لا يكاد يمت بصلة لارتفاعه القياسي. فجميع الرموز والشواهد التي سادت البيئة العمرانية في الأشهر الأخيرة هيمنت عليه بدرجة ملحوظة صور مبان ومساحات خربة مغلقة مهجورة لا يحتاج إليها أحد. وبرج دبي ليس سوى الصرح الأكبر والأخير في تلك السلسلة من النصب التي تصور الفراغ المعماري.
    ذلك الجمع بين الإفراط في البناء خلال سنوات الازدهار، الذي كان الفضل فيه لسهولة الحصول على قروض ائتمانية، والعجز المفاجئ الذي أصاب الأسواق المالية في خريف 2008 ، خلق في السوق طرحاً غير مسبوق من العقارات غير المطلوبة او غير المشغولة في عموم أنحاء العالم. في ذات الوقت أنتج القلق الثقافي المتزايد من وقوع كارثة بيئية، او أي شكل آخر من أشكال سيناريوهات يوم الفناء، سيلاً من الكتب والافلام والمدن والصور الفوتوغرافية التي تتخيل مدناً بكاملها أو أجزاء من مبان تخلو تقريباً من أية دلالات على الوجود البشري.
    يعتبر برج دبي أنيقا مقارنة بباقي المباني العملاقة، فالمصمم سميث موهوب بشكل غير اعتيادي في تشكيل نماذج ناطحات السحاب، كما أثبت في برج " جن ماو " في شنغهاي الذي يرتفع إلى 88 طابقاً، والذي صممه قبل انفصاله عن مكتب شيكاغو في 2006. برج دبي، الذي يقول سميث عنه انه استوحاه من عدة مؤثرات محلية منها الكثبان الرملية والمنارات، يستدق ويزداد نحافة كلما ارتفع، مثل ساق نبات يفقد قشرته طبقة تلو طبقة.
    لكن حجم المخاوف التي سيترتب على هذا المبنى مواجهتها قد تكون فريدة من نوعها في تاريخ تصميم ناطحات السحاب، إذ أن قدره حسم وهو لا يزال في طور الإنشاء، من الناحية المالية على الأقل. من هذا المنطلق يبدو من المحال أن يكتب المرء عن برج دبي من دون أن يذكر على الأقل برج بابل، فالتصميم في الإثنين يجمع الإستدقاق إلى الإلتفاف اللولبي مع قدر مفرط من الثقة بالنفس، إذا تقبلنا ما ورد في قصص الإنجيل والمخطوطات التاريخية. اقتصاد دبي سيتعافى، ولكن بعد أن تلقن درساً. أما ثقة دبي المفرطة بنفسها، والتي عني بتصميم برج سمث لكي يكون معلماً شاخصاً يستقطب نظر العالم كله إليها، قد لفظت أنفاسها .. ومعها انتهى المفهوم الأوسع الذي سعت الإمارة لجعل نفسها رمزاً له على مدى العقد الأخير: مفهوم أن النمو قادر على أن يبقى القوة التي تدير محركها الإقتصادي من خلال الإعتماد النهم على التغذية الذاتية إلى ما لا نهاية. وإن يكن برج دبي هذا بالغ السطوع والتألق، ومصمما بثقة، وجعلت هندسته بكل ذلك الإتقان وتلك الخبرة ليكون أداة دمار نفسه، فمن المؤكد أنه إعلان على أفكار تقوضت وهو شاهد قبرها.
     
  2. mohamedali

    mohamedali مشرف عام

    لك مني أجمل تحية .
     
  3. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    مشكور مرورك الرائع استاذ محمد عبد الوهاب
     
  4. sa_wa_ta

    sa_wa_ta عضو جديد

    صراحه ناس جعانه وناس بتناطح السحاب
     
  5. مشكور استاذ هيثم سعدون
     
  6. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    مشكور مرورك الجميل اخي العزيز صالح
     
  7. Haitham sadoon

    Haitham sadoon مشرف

    مشكور مرورك الجميل استاذ محمد عبد الله
     

شارك هذه الصفحة